الكاتبة : مرام الحربي
أذكُر وأنا في صغري حينَ تأتي المجلات إلى منزلنا وكانت تأتي بشكل أسبوعي وشهري كُنت أُسرِع لأفتح صفحات المجلة بشكل عشوائي حتّى أصل إلى صفحة لُعبة الكلمات المتقطعة كُنت أندمج وأستمتع جداً في تركيب هذهِ الكلمات وجمعها مع بعضها البعض حتّى تتكوّن وتكتمل وتُصبح كلمة واحدة وقبل أن تُصبح كلمة واحدة فهيَ مرّت بتدرّج ولو بشكل عشوائي في الحرُوف، حيث أنه من الممكن أن تجد الحرف الرابع قبل الثالث ماأعنيه أن إكتمالها حصل بعد تدرّج عشوائي،
هذا كانَ بالنسبة للكلمات المُتقطعة.
تُشبه الكلمَات المتقطعة أطوَار القمَر من حيث التكوين والتدرّج ومن ثمّ روعة الإكتمال، كانَ هذا المشهد يُبهرني في كل مرة أرى فيها القمَر وهو يُصرّ على الإكتمال بهدوء ويعيد الكرّة في كل شهر بلا ملَل وأنا كذلك كُنت أتأمّله بلا ملَل.
العجيب أنني كنتُ أُدرك حينها لماذا أنا أُحِب مشاهدة مراحل نمو الشيء من بداية تكوينه وحتّى تطوّره ومن ثمّ تدرّجه إلى لحظَة بهاء إكتماله.
مراحل بناء الأشياء وقبل تمامها تُحفزني للإستمرار والتطلّع وقد تكون احدى أسباب البهجة لديّ هيَ مراحل بناء ونمو الشيء الذي أُريده، لذا أكون في حماسة ودهشة مُتجددة على طول الطريق، لغاية الإكتمال،
أنا أيضاً أُحب مراحل التكوين والنّمو لأي شيء في الحياة لأنني أعتبر أنّ هذهِ الغاية من الشيء الذي ننتظر دوماً إكتماله وإتمامه!
نعم، الغاية ليسَ الوصول فقط! الغاية في الطريق للوصول وتأمّل مراحل الوصول وتربية النّفس على الصّبر والتروّي وعيش اللّحظات جميعها لحين الوصول.
يكفيك أنّكَ تستطيع أن تعرف نفسك وأنتَ تعمل على إتمام أمراً ما، راقب نفسك، مزاجك، درجة تعلّقك بالشيء الذي أنتَ تعمل عليه، ويكفيك كذلك في مرحلة الوصول أنّكَ تستطيع تدريب نفسك على السّكينة والإستمتاع الداخلي والإهتمام بمزاجك وأنتَ تعمل وتعيش كل مرحلة من مراحل الوصول والإكتمال بمحاسنها ومساوئها.
راقِب عازف الجيتار كيف يُمسِك بالآلة بهدوء وكأنه يُطمئنها أنّ كل شيء على مايُرام حتّى ولو كان المسرح يضجّ بالجمهور، راقبهُ وهو يعزف بيده على الأوتار ويُبحر بتركيز في العزف مستمتعاً وكأنّ لا أحد في المسرح غيره.
والمغنّي أيضاً كيف يُبحر ويغوص في تفاصيل الأُغنية،
عازف الجيتار والمغنّي لا ينتظر على جمر أن تنتهي الأغنية، عازف الجيتار والمغنّي يُبحر ويتلذذ بما يفعل حتّى تنتهي بهِ الأُغنية.
سؤالي لك:
-كيف تعمَل على عملَك ؟