الكاتب : سالم الغانمي
في مثل هذا الوقت وفي خلال هذا الشهر شهر ذي القعدة كانت رابغ ملتقى لقوافل الحجاج والمعتمرين من معظم بلدان المسلين وجهاتهم إذ كانت هناك مدن يجتمع فيها الحجاج ثم يبدؤون في سيرهم ورحلتهم إلى مكة فكما كانت القاهرة مجمع وملتقى لحجاج مصر وشمال إفريقيا وغربها وبلاد الأندلس ومن اجتمع معهم في من المسلمين فكذلك كانت دمشق مجمع لحجاج بلاد الشام وما جاورها وحجاج تركيا ومن ألم بهم من الركب والحجيج.
وكانت تلك القوافل العظيمة تنطلق إلى بلاد الحجاز إلى الديار المقدسة مكة والمدينة لأداء فريضة الحج وللعمرة والزيارة.
فكانت هذه القوافل تسلك طرقا مختلفة كل حسب جهته ونواحيه ولكنها تجتمع في الطرق الرابطة بين مكة والمدينة خصوصا في رابغ حيث كان الميقات للمحمل المصري وكذلك هو الميقات للمحمل الشامي فكان لزاما على القوافل المرور به لأنه الميقات ولتوفر المياه وكل ما يحتاجه الركب من ماء وطعام ومشتروات وأعلاف وحبال لدوابهم.
ولم يكن نصيب رابغ هو هذين المحملين العظيمين فقط بل بسبب موقعها الجغرافي كانت محطة ومرفأ أيضاً لحجاج البحر الذين يتوقفون بها للإحرام و للتزود بالماء وشراء بعض المتطلبات بل حتى حجاج اليمن والهند وغيرهم ممن لم تكن رابغ ميقاتا لهم كانوا يمرون برابغ بعد أداء مناسك الحج عند توجه من يقصد المدينة منهم لكونها محطة مهمة في الطريق بين مكة والمدينة
ولتلك الأمور وغيرها كان لرابغ حضور في كتب الفقهاء وذكر متكرر في كتاب المناسك وباب المواقيت المكانية لأنها حلت مكانا للإحرام بدل من الجحفة من القرن السادس ولذلك شواهد كثيرة في الكتب الفقهية في المذاهب الأربعة المشهورة وغيرها من كتب الأحكام وشروح الحديث.
ومن ذلك ما قال ابن عاشر ت 1040 هــ في منظومته الفقهية : وإن ترد ترتيب حجك اسمعا بيانه والذهن منك استجمعا إن جئت رابغا تنظف واغتسل كواجب وبالشروع يتصل.
وأما في كتب الرحلات فحدث ولا حرج فقد امتلأت كتب أدب الرحلة بذكر رابغ بل ويتتكرر الذكر كثيرا في رحلة الذهاب إلى مكة وفي رحلة الإياب ولولا الإطالة لذكرت أمثلة وهي غير بعيدة لمن أرادها.
فلما اجتمعت تلك المكانة وتلك القوافل وجموع الناس من الحجاج وغير الحجاج نشأت بسبب ذلك منافع ومصالح للناس فكثرت الأسواق الموسمية مع الحجاج بيعا وشراء ونقلا وخدمة وغيرها وبسبب الميناء استوطنت أسر من تجار المسلمين رابغ وأقاموا به وكالات للاستيراد والتصدير لعل لها مقالا آخر بحول الله.
وحصلت خلال تلك القرون أحداث ومواقف مدونة من أراد معرفة شيء منها فليطلع على كتب رحلات الحج خصوصا حجاج المغرب العربي وبلاد الأندلس الذين كانت لهم عناية فائقة بكتابة رحلات الحج وهي كثيرة جدا والمطبوع منها كثير وما لم يطبع أكثر من ذلك.
التعليقات 1
1 pings
عبدالله الحربي
18/06/2023 في 11:21 م[3] رابط التعليق
زادك الله علما ورفع درجتك في الدنيا والآخرة.