الكاتبة : غاليه نعمة الله
الإجرام الإسرائيلي بحق أهلنا في غزة بلغ ذروته وقسوته بعد استخدام أسلحة أمريكية بالغة التطور والقتل والتدمير وذلك في مخالفة صارخة للقانون الدولي .. ووسط إدانات شعبية عارمة ومتواصله في معظم مدن وعواصم العالم وعلي رأسها أمريكا وأوربا .!
في حين تتواصل الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية ضد مصر علي خط الحدود .. مع تعمد تسريب معلومات جديدة بإقرار مسألة تهجير الفلسطينيين لسيناء رغم الرفض المصري القاطع وكذا الرفض الفلسطيني والعربي والإسلامي لهذ التوجه .
مصر الآن في أصعب حالاتها من حيث جهوزية خوض مواجهات عسكرية مباشرة لا يعرف أحد نهاياتها . ولكننا جاهزون في كل الأحوال للدفاع عن الوطن بكل قوة إذا استدعت الأمور ذلك.
ولهذا فإن الأمر يتطلب الكثير من الحكمة والحنكة والبصيرة والتروي وعدم الإنسياق وراء استفزازات أو مشاعر إلا بالقدر الذي نستطيع تحمله .
ولكني أحسب وأتوقع وأرجو أن نستخدم الآن وسائل وأدوات تصعيد أخري متنوعة في هذه المرحلة منها التهديد بسحب السفير وسحبه بالفعل والتهديد بطرد السفير الإسرائيلي .
وبخطوات أخري علي الجانب الثنائي سواء الأمني أو الإقتصادي أو السياحي مستقبلاً رغم أنها خطوات صعبة ومؤثرة علينا كذلك . ولكن التلويح بإمكانية اللجوء إليها مضطرين قد يفيد.
فإسرائيل خرقت الآن التزاماتها بموجب اتفاقية السلام سواء مع تكرار الانتهاكات علي الجانب المصري من الحدود أو عرقلة جهود تسوية القضية الفلسطينية والتنصل من اتفاقات أوسلو وتفاهمات مؤتمر مدريد للسلام .
وقبل ذلك قتل الأبرياء وتدمير قطاع غزه بالكامل وطلب تهجير الفلسطينيين قسراً لسيناء .
علما بأن سحب السفراء أو حتي إغلاق سفارتنا في تل أبيب لن يؤثر عملياً أو بشكل كبير علي جهود الوساطة والاتصالات التي تقوم بها مصر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي . فلهذه الإتصالات قنوات أخري.
أتوقع أن نسخر جهودنا بشكل أقوي للتنسيق والتعاون مع السعودية وقطر والأردن ثم تركيا . بل وإيران أيضاً ( ولم لا ؟ ) وكذا الدول الكبري المؤثرة والمتعاطفة مع الحق الفلسطيني .
وذلك من أجل الضغط على إسرائيل ومحاولة تهدئة الحماس الأمريكي الأعمي في دعم إسرائيل .
أتوقع إتاحة نوافذ منضبطه لإظهار الغضب الشعبي في مصر وباقي الدول العربية علي غرار ما يحدث في أمريكا وأوربا ذاتها فهذا الحراك السلمي الغاضب يدعم صانع القرار في بلادنا فيما سنواجهه جميعاً في المرحلة الصعبة القادمة .
أدعو لأن تطلب مصر عقد اجتماع عاجل غير معلن ( وليس اتصالات تليفونية ) بين قادة ومسئولي الدول العربية المعنية بالأزمة وبعيداً عن الجامعة العربية التي تحكمها بروتوكولات وقواعد عمل أكثر تعقيداً وبطئاً .
اجتماع توضع فيه كل الحقائق علي الطاولة .. ويحدد فيه بوضوح ومصارحة موقف ودور كل دولة وبما في ذلك المواقف الإيجابية أو السلبية الخطيرة التي أظهرتها بعض الدول العربية في هذه المرحلة الحاسمة من عمر العرب وتاريخهم .
والاتفاق علي قدر مناسب من التعاون والتنسيق في استخدام الكروت وأوراق الضغط المتاحة خاصة الإقتصادية منها وهي كثيرة ومتنوعة وتحتاج فقط لإرادة التنفيذ .
وبعبارة أخري .. الأمر ليس اختيار بين رضوخ وسكوت وانبطاح أو الدخول في حرب مباشرة، فبين الاختيارين مساحة أخري كبيرة لاختيارات أخري سياسية ودبلوماسية واقتصادية ودعائية متسعة ومتنوعة ويجب طرقها حفاظاً علي ما تبقي لنا .
التاريخ لن يرحم الجبناء والمتقاعسين بدعوي الحكمة والتروي والخوف من القادم .. فالصمت والضعف والتقاعس هو ما سيجعل القادم أكثر سوءاً ..؟