الكاتب : ضيف الله الحازمي
كثيرا ما نعقب على حديث أو منشور أحدهم بكلمة "صدقت" بصورة عفوية تلقائية تُعبِّر عن الموافقة التضامنية غالبا أكثر منها الاتفاق حرفيا عن المحتوى الذي قيل أو كتب، وهنا ودون أن نشعر، قد نجد أنفسنا وقد تحملنا جزءاً من مسؤولية ذلك المحتوى بالنظر إلى نسبية الصواب والخطأ فيه، لأننا حين نقول تلك الكلمة فإننا نشير ضِمنا إلى الاتفاق مع ماطُرح، وربما تمادى البعض منا تماهيا أو تحفيزا لصاحب المحتوى، بالإضافة حول ذلك الشأن وتوسيع المفهوم وتحرير بعض جوانب الغموض فيه وزيادة إيضاح المعنى المقصود وكأن ماطرح أصبح يعنينا ويمثلنا.
وفي الجانب الآخر أعني مَصدر ذلك الحديث أو المنشور، يحدث أن تتعزز جوانب الثقة لديه بصوابية ما صدره للجمهور المستمع أو القارئ، وكأننا نعطيه وثيقة العبور إلى مرفأ الأمان بشأن اعتقاداته وأفكاره ومعرفته التي صاغها في المحتوى محل النقاش والحوار حتى ولو كانت محل شك.
إن تلك الكلمة لاتحمل في داخلها مجرد الموافقات البسيطة، بل تتعدى ذلك إلى كونها أصبحت تمثل صورة من صور التأييد والانحياز إلى كل مايتفق مع المعنى المطروح، وإذا كان المتلقي محدود المعرفة زاد تأثير تلك الكلمة عليه وصولا إلى العمق؛ اعتقادا ورسوخا تجاه ماصُدِّر إليه واستقبله من تأييد، خاصة إذا كان صاحب كلمة "صدقت "يمثل قيمة ما معرفية أو اجتماعية أو رسمية.
ومن زاوية المجتمع القريب لكل شخصيات الحدث سواء ( المرسل أو المستقبل) تجده في حالة تفاعل مؤيد أو ممتنع أو رافض لكل المحتوى المطروح ابتداءً أو تعزيزا، بالنظر إلى كل الحالة الإدراكية والمعرفية المتراكمة لديه عن الطرفين أو المحتوى.
ومع ذلك سيبقى الموقف برمته مثيرا للكثير من التساؤلات المدهشة يأتي أبسطها في صورة فرضية بسيطة هل لدى أي منا القدرة على الذهاب بعيدا قانونيا وأخلاقيا في تحمل نتائج تلك الكلمة على جميع الأصعدة.
لربما بعد جولة تفكير بسيطة سيعيد الكثير ممن تعود التصديق والموافقة تقييم مواقفه بالنظر إلى ماقد يترتب على تلك الهدايا من الموافقات المجانية من مسؤوليات أدبية أو قانونية أو أمنية أو اجتماعية فالإنسان رهن في كل أحواله بمعتقداته وقناعاته القولية أو الفعلية أو التضامنية في كل الأحوال.