الكاتبة: غاليه نعمة الله
سد النكبه ؟
أقرأ منذ إعلان إثيوبيا دخول إتفاقية عنتيبي حيز النفاذ في ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ بعد تصديق جنوب السودان عليها تقديرات متنوعة للعديد من المتخصصين وغير المتخصصين .
وأتفق معهم تماماً في أن الإتفاقية ذاتها تخالف القانون الدولي وتفتئت علي حقوق دولتي المصب مصر والسودان ولهذا جمدتا عضويتهما فيها .
وكذلك أتفق معهم في عدم قانونية إعلان إثيوبيا اكتمال النصاب اللازم لدخول الإتفاقية حيز النفاذ ( صدق علي الإتفاقية ست دول من تسع دول وبذلك يكتمل نصاب الثلثين وفقاً لتقدير إثيوبيا . في حين نري نحن أن انضمام جنوب السودان للإتفاقية يجعل أعضائها عشرة ، الأمر الذي يتطلب تصديق سبع دول من عشر وليس ست دول من تسع ) . وفي هذا الخلاف جدل قانوني طويل لا يتسع المجال هنا للخوض فيه .
وأتفق معهما كذلك في وجود مسارات قانونية ودبلوماسية وسياسية واقتصادية واجبه الإتباع للدفاع عن وجهة نظرنا ولحث دول وادي النيل علي عدم المضي قدماً في عقد القمة المرتقبة التي ستدشن قيام مفوضية مياه النيل وفقاً لاتفاقية عنتيبي.
ما أختلف عن بعض الآخرين فيه هو أن القانون الدولي والمحاكم الدولية وحتي الأمم المتحدة ذاتها لا تنصف عادة اللاجئين إليها . بل أن هناك مؤسسات دولية لا تعتبر أحكامها واجبة النفاذ إلا بموافقة الدول المتقدمة إليها .
وهنا يصبح موقف هذه المؤسسات الدولية أو أحكامها مجرد سابقة قانونية وورقة ضغط أدبي قد لا تحدث الأثر المنشود غالباً مع الدول المتشدده في مواقفها كإثيوبيا ( وإس - را - ئيل كمثال صارخ آخر ) .
والأمر الثاني أن نجاحنا في إقناع بعض دول حوض النيل بالتريث أو حتي بالتراجع هو نجاح وقتي لا يجب أن نعول عليه بشكل أساسي طالما استمرت إثيوبيا علي موقفها الحالي .
خاصة وأن إثيوبيا تمتلك أوراق ضغط وتأثير في إفريقيا وفي دول الحوض قد تفوق أوراقنا أحيانا .
ودون أن يعني ذلك بالطبع التخلي عن ضرورة وضع استراتيجيات متكاملة طويلة المدي لتدعيم علاقاتنا وتأثيرنا في دول حوض النيل .. فهذا من باب الضروريات الحتميه .
الأمر الثالث أن نجاح إثيوبيا في استكمال ترتيبات القمة المؤجله من ١٧ أكتوبر الجاري لتتم خلال الربع الأول من العام القادم كما أُعلِن أو حتي بعد ذلك ، ثم إعلان تدشين مفوضية المياه وفقاً لمنطوق إتفاقية عنتيبي، سيعني خلق وفرض واقع مؤسسي جديد في دول حوض النيل سيكتسب المزيد من الزخم والاعتراف الدولي ولو بحكم الأمر الواقع بمرور الأيام .
وهو ما سيكون خصماً من فعالية أوراقنا المضادة التي سنواصل استخدامها بالقطع .
وسنفاجئ حينئذ بوضع أكثر سوءاً للأسف وعلينا التحسب لهذا السيناريو غير المستبعد.
قضايا المياه والسدود في حوض النيل تحدٍ مصيري هائل لا يجب التعامل معه بمنطق المبادرات والتقديرات الفردية أو بمبدأ التجربة والخطأ ورد الفعل .. ولكن بمنطق العلم والسياسة والواقع الذي يتطلب وجود مؤسسة قومية زاخرة بالكفاءات والخبرات المتنوعة تعمل باستقلالية كاملة بعيداً عن طموح وهوي ورغبات البعض ، وبعيداً عن تأثير الجهاز التنفيذي للدوله لكي تكون رافداً صحيحاً للمعلومات والتقديرات التي تعين مؤسسات الحكم والقيادة علي الإضطلاع بدورها واتخاذ القرار الصحيح وفي الوقت المناسب .
وهو ما كنت ولا أزال أطالب به وبكل قوة ، فالتحدي كبير والخطر جسيم ، ويجب أن نرقي جميعاً إلي مستوي هذا التحدي وخطورته .
وبدون ذلك فسنحرث في الماء حتي يجف .
حفظ الله مصر وشعبها.