شرفت بحضور الحفل الذي أقيم في السفارة اليابانية لدى الرياض بمناسبة عيد ميلاد إمبراطور اليابان في 20 فبراير الماضي. وقد لاحظت العديد من مشاهد التعارف والتواصل بين السعوديين واليابانيين. ولكن في أغلب هذه الحالات لم يكن السعوديون يحملون بطاقات عمل(Business Card)، وعندما ناولهم اليابانيون بطاقاتهم قبلوها ببساطة مع شعور البعض منهم بالحرج لأنهم لا يحملون بطاقة عمل.
وهنا أود أن أشير في هذه السطور إلى أهمية بطاقات العمل عند التعارف والتواصل مع اليابانيين خاصة في عالم الأعمال. ففي اليابان، بطاقة العمل مهمة للغاية؛ فهي بمثابة الهوية المهنية للياباني.
وبطبيعة الحال هي مهمة جدًا للإعلان عن إمكانية بداية بناء علاقة جيدة مع الطرف الآخر، ورمزًا للاستعداد لبدء تعاون وعلاقة عمل أو علاقة اجتماعية جيدة، ومدخل مهم جدًا لكيفية التحدث مع الآخر واختيار الموضوعات التي يمكن أن تبني علاقة جيدة معه، ناهيك عن أنها مهمة لمعرفة المسمى الوظيفي للآخر لمخاطبته به؛ ما يعزز الشعور بالوضوح والثقة والاحترام المتبادل.
ومن ناحية أخرى، تبادل بطاقات العمل خاصة عند اليابانيين له بعض القواعد والآداب عند تقديمها. فمن المعتاد أن يتم تبادل البطاقة بكلتا اليدين مع انحناءة خفيفة دلالة على الاحترام والتواضع. كما ينبغي تقديمها بطريقة تُمكِّن الطرف الآخر من قراءتها بسهولة ومن أول وهلة، كما ينبغي على متسلم البطاقة تأملها جيدًا عند تسلمها، ويُفضل تقديم أي تعليق أو استفسار عن عمل شركة الآخر كنوع من الاهتمام بالآخر وعمله أيضًا. وعند تسلم البطاقة في حالة الجلوس وليس من الوضع واقفًا، ينبغي عليه وضع البطاقة أمام عينيه على المكتب أو الطاولة وعدم وضعها في الجيب في الحال.
ربما يكون التعارف بين السعوديين بدون بطاقات عمل أمرًا شائعًا بين البعض، لكن على من يرغب في توسيع شبكة علاقاته المهنية والاجتماعية مع غير السعوديين خاصة مع اليابانيين بشكل خاص، لابد من أن يحمل بطاقة عمل؛ لتسهيل التعارف. ومن المسلمات وأسس التواصل مع اليابانيين خاصة في عالم الأعمال، استخدام البريد الإلكتروني المدون في بطاقة العمل، وليس التواصل عبر التواصل الشفهي بالهاتف الجوال أو حتى رسائل عبر تطبيق الواتساب، حيث يميل الشعب الياباني بشكل خاص إلى التواصل الكتابي وليس التواصل الشفهي.
وعندما كنت أعمل ملحقًا ثقافيًا بالملحقية السعودية في اليابان، سمعت وشاهدت العديد من المشاكل التي تتعلق ببطاقات العمل بين السعوديين واليابانيين؛ سواء من عدم حمل السعودي بطاقة عمل للتعريف بنفسه، أو عدم إبداء الاهتمام ببطاقة عمل الآخر، أو تسويف وتأجيل وكسل من البعض في القيام بنقل محتوى بطاقة عمل الياباني الذي تعرف عليه خاصة البريد الالكتروني إلى جهات الاتصال بالكمبيوتر وغيره؛ ما يتسبب في فقدان وسيلة وفرصة التواصل مع ذلك الشخص مجددًا. في حين أن الجانب الياباني يدرك ويعتقد أن الوسيلة الأمثل والفعالة والبديهية للتواصل مع أي شخص يتعرف عليه لأول مرة هي بطاقة العمل خاصة في عالم الشركات والأعمال، ويعطيها أهمية كبيرة، إلا إذا كان هذا الشخص لا يعمل أو لا يزال طالبًا. وبطبيعة الحال ربما من الأفضل أن يدرك الياباني أن السعودي يفضل التواصل الشفهي أو عبر رسائل التطبيقات مثل تطبيق الواتساب، ولكن من الجيد والأهم أيضًا أن يعلم من يريد التواصل من السعوديين مع اليابانيين خاصة في مجال الأعمال، أهمية إعداد بطاقة عمل له وطريقة تسليمها للطرف الآخر بطريقة صحيحة؛ تفتح له الباب لتكوين علاقة واضحة من البداية مع الياباني.
الدكتور طارق حكمي جامعة الملك سعود، كلية اللغات وعلومها قسم اللغات الأوروبية والشرقية برنامج اللغة اليابانية...