في ليلةٍ من ليالي جدة، لم تكن الملاعب فقط ما اشتعل، بل اشتعلت قلوبٌ وأرواح، وتفتّحت في صدور العشاق حدائقُ فرح خضراء، لأن الأهلي السعودي لم يفز بكأس النخبة الآسيوية فحسب، بل انتزع من الزمن لحظةً خالدة، لحظةً تُروى لا كخبر رياضي، بل كقصيدةٍ في المجد.
منذ عقود، والأهلي لا يمشي وحيدًا، بل تحرسه ظلالُ النخيل وتُرافقه هتافاتٌ نبتت من صدور جمهوره، ذلك الجمهور الذي لا يصفّق من الخارج، بل يُشارك من الداخل، كأن الدم الأخضر في عروقه قد خُلق ليُغنّي لهذا الكيان.
ليلة البطولة لم تكن مباراة، بل كانت استدعاءً لتاريخٍ طويل من الترقب، من الإيمان، من الأمل الصامد كصخرة، من خيباتٍ تحوّلت دروسًا، ومن انتصاراتٍ لم تَعلُ يوماً على قيمة الروح. واجه الأهلي كاواساكي الياباني، ليس ليراهن على النتيجة، بل ليراهن على هويته، على صلابته، وعلى تلك النغمة الخاصة التي لا يعرف عزفها سواه.
رفع اللاعبون الكأس، ولكن الحقيقة أن الكأس هي التي رُفعت بهم. في تلك اللحظة، بدا أن كل اسمٍ على القميص قد أصبح سطرًا في ملحمة، وأن كل دمعة مشجع في المدرج قد تحوّلت إلى نجمٍ يُضاء في سماء الأهلي.
هذا ليس فوزًا عابرًا، بل توقيعٌ أخضر على دفتر القارة. بطولة النخبة، واسمها وحده يكفي، لا تمنح إلا للنخبة حقًا. والأهلي أثبت، مرة أخرى، أن الكبار قد يغيبون لحظة، لكنهم لا يضيعون أبدًا.
في جدة، كتب الأهلي الليلة صفحةً جديدة في تاريخه، لكن بحبرٍ لا يُمحى.. صفحةً تبدأ بكلمة: المجد، وتنتهي بنداء: يا أهلي، لا توقِف الغناء.