في حضرة التاريخ، حين يُطوى سِفرٌ من سُفر الإنجاز، تتوقف الكلمات باحثة عن صياغة تليق برجالٍ كتبوا أسماءهم بمدادِ النور، وكانوا للمكان نبضًا، وللناس أملاً، وللوطن سندًا.
اليوم، تقف جازان بكل جبالها وسُهولها، ببحرها وجزرها، بشيوخها وأطفالها، لتهمس بكل الوفاء: شكرًا سمو الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز، يا من كنت لجازان نبراس التغيير، وصوت التنمية، وجسرها نحو الغد.
منذ أن حملت الراية في عام 1422هـ (2001م)، كنتَ أميرًا لا يكتفي بالحضور الرسمي، بل كنت حاضرًا في أدق تفاصيل حياة المواطن، تُصغي لحاجته، وتؤمن أن التنمية لا تُبنى بالخرائط وحدها، بل بالقلوب الصادقة والعقول الواعية.
أربعةٌ وعشرون عامًا من العطاء غير المنقطع، صنعتَ خلالها من جازان قصة سعودية تُروى، حيث تحولت من منطقة حدودية إلى بوابة اقتصادية وسياحية وثقافية، تُباهي المدن وتستشرف المستقبل.
أنشأتَ المدينة الاقتصادية، وجعلتَ منها منارةً للصناعة، وأتيتَ بالمصفاة العملاقة لتضخ في الأرض فرصًا وفي الإنسان طموحًا؛ امتدت الطرقات إلى كل القرى، وتفتّحت الجامعات والمستشفيات على عهدك كأزهار في ربيعٍ دائم.
لم تنسَ التراث، بل كنت حاميه؛ فأحييتَ مهرجاناتهه، ورفعت اسمها في المحافل، وجعلت من البن، والمانجو والعسل، والحريد عنوانًا لكرم الأرض والناس.
وها أنت اليوم، تغادر المنصب، لكنك لن تغادر القلوب، تغادر الكرسي، لكنك ستبقى راسخًا في الذاكرة الجازانية، كالسحاب حين يمضي وقد روى الأرض.
شكرًا لك يا من علمتنا أن الإمارة ليست سلطة، بل رسالة، شكرًا يا أميرًا كتب التاريخ بيده، لا بحبر المراسيم، شكرًا أبا تركي الحبيب، يا من كنت بيننا قلبًا كبيرًا وعقلاً بصيرًا، ويدًا حانية.