لقد عاش الشيخ فريدا في سماته سخيا في هباته عاليا في أخلاقه ساميا في صفاته, لا يشبهه أحد. وحق لنا جميعا أن نأسى على رحيله وفراقه فهو رجل بأمه
وكأن أبا الحسن الأنباري يعنيه حين قال:
علوٌّ في الحياة وفي المماتِ
لحقٌّ أنت إحدى المعجزاتِ
كأن الناس حولك حين قاموا
وفودُ نَداك أيام الصِّلاتِ
كأنك قائمٌ فيهم خطيبـــًا
وكلهمُ قــيامٌ للصلاةِ
وحين غادرنا على عجل فتح الحزنُ أبوابَه على مصارعها في ضمد والمنطقةِ بأسرها ..وأتذكر في هذا الموقف قول جرير في هول مصاب الفرزدق على تميمٍ ورحيله عنهم فقال:
لعمري لقد أشجى تميمًا وهدها
على نكبات الدهر موتُ الفرزدقِ
عمادُ تميمٍ كلِّها.. ولسانُها
وناطقُها البذاَّخُ في كلِّ منطقِ
وفي يوم رحيله واجتماعِ الألوف من كل حدب وصوب، وأسى المشيعين -ومَنْ خلفهم- لرحيله ولوعةِ الفراق عليهم.. أتذكر قولَ امرئ القيس:
فلو أنها نفسٌ تموت سويةً
ولكنها نفسٌ تَساقَطُ أنفُسا
ومع هول المصاب وفداحة الخطب واشتداد الكرب لا يسعنا إلا الرضا بقضاء الله وقدره والتسليمُ بما كتبه سبحانه على عباده، والصبر يعظم أجره على قدر المصاب.
يقول عبدة بن الطّبيب التميمي..
في قيس بن عاصم الذي اشتهر بالحلم والندى والكرم ونصرة المظلوم، وهي من أبرز سمات شيخنا المرحوم، يقول :
عليك سلام الله قيسَ بن عاصم ورحمتُه ما شاء أن يترحّما
تحيّةَ من ألبسته منك نعمة
إذا زار عن بؤسٍ بلادَك سلّما
وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنّه بنيان قوم تهدّما
وحين أنظر إلى مقعد الشيخ ومجلسه الذي يستقبل فيه زواره ومريديه أتذكر قولَ الأصبهاني يرثي صلاح الدين:
أين الذي مازال سلطانًا لنا
يُرجى نداه وتُتقى سطواتُه
"لا تحسبوهُ مَمَات شَخصٍ واحدٍ
فمَمَات كُل العالمين مَمَاتهُ".
العم أحمد تربطنا به علاقة وقرابة فحين يلتقي بأبي يقول له:
أهلا بأخوالي السادة، فأمه من بيت آل النعمي .. وكنت ساعتها أطير فرحا وأنتشي سعادة وأفاخر به وأطرب
أعزيكم إخوتي أبناءَ الشيخ أحمد وأقاربَه ومحبيه وكلَّ أهلِ ضمد في وفاته فأحسن الله للجميع العزاءَ وجبر المصاب وعوَّض الجميع خيرا، ونسأل الله الكريم بمنه ولطفه وعفوه ورضاه أن يرحم فقيدَنا الغالي ويشمَله بواسع رحمته ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة ويجمعنا به في دار كرامته ورضوانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
والحمد لله على ما قضى وقدر، إنا لله وإنا إليه راجعون..


