أحمد الأسود ليس مجرد مهندس مبدع أو أكاديمي حاز شهاداته بتدرّج مثابر، بل هو روح إنسانية ظلّت لصيقة بالخير والعطاء أينما حلّت. عرفته عن قرب صديقاً وأخاً، فوجدت أن كل لقب أو منصب تقلّده لا يساوي شيئاً أمام صفاء قلبه، ووفائه الذي يسبق خطاه.
ابن ضمد البار، ووجهها المشرق، حمل على كتفيه منذ بداياته همَّ التعليم وخدمة الناس. من فصول المدارس الأولى، إلى قاعات الجامعات في الرياض والقاهرة والإسكندرية، كان يسعى دائماً لأن يجعل من المعرفة جسراً نحو خدمة المجتمع، لا مجرد وسامٍ شخصي. وحين تقلّد المسؤوليات في تعليم جازان، أو في المجلس البلدي، أو حين حمل عضوية مجلس الشورى، ظلّ هو نفسه: بسيطاً، قريباً، يفتح بابه للناس، ويجعل المنصب وسيلة لخدمتهم لا غاية للزهو.
وفي كل خطوة من حياته، كنت أرى فيه معنى الصديق الحقيقي: لا يتخلّى عنك حين تشتدّ الظروف، ولا يتأخر عن كلمة مشجعة أو وقفة صادقة. عرف كيف يوازن بين دقة المهندس ورهافة الإنسان، بين عقلٍ يدير المشاريع، وقلبٍ يدير الألفة والمحبة.
الكتابة عن أحمد الأسود إيمان مهم بأنّ بعض الأصدقاء ليسوا مجرد رفقة، بل هم جزء من سيرتك أنت. بهم يكتمل المعنى، وبوفائهم يترسخ اليقين أن الحياة، مهما قست، تظل رحبة بوجود أمثالهم


