رحل الرجل الذي كان عنوان الفتيا والمدرسة الفقهية العريقة في المملكة ودول الخليج لسنوات، مع ما توفر له من التقدير والاحترام في عموم بلاد المسلمين، رحل سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله تعالى وغفر له وأسكنه فسيح جناته، رحل الرجل الذي عُرف بالهدوء والحنو والسمو في كل أمره. رحل والجميع يضعه في مكانه الذي يستحقه من الإجلال والمحبة.
بالنسبة لي سأتحدث عنه بما لمسته شخصيا عند زيارته في مكتبه قبل عامين تزيد قليلاً. من المعروف أن لقاء المسؤول في محل عمله يستلزم الكثير من البروتوكولات التي لايمكن تجاوزها، وقد كنا مستعدين لدرجة عالية من الالتزام بها توقيتا ومكانا وحديثا وجلوسا، إلا أنه رحمه الله تعالى كان من التواضع واللين ما خفف الكثير منها حينما التقيناه، وقد صدّر هذه القيمة الرائعة من التواضع إلى كل الذين عملوا معه في اخلاقهم وسلوكهم وحديثهم، ما يؤكد "شخصية العالم والمربي" التي حمل إهابها لسنوات طويلة مما جعلها عنوانا لكل ما صدر عنه رسميا وشخصيا.
وعندما انتقلنا إلى مكتب نائبه فضيلة الشيخ فهد بن عبد العزيز العواد لسماع توجيهه مالبثنا غير دقائق إلا وجاءنا الخبر بقدوم فضيلته إلى مكتب نائبه، فقال فضيلة نائبه نحن أولى بالذهاب إليه لولا أنه يرفض ذلك دائما ويأتي هو بنفسه، مما يؤكد سمة التواضع التي اشتهرت عنه، وقد رفعه الله بذلك، حيث نجد تقدير قيادتنا له، وإجلاله بما يستحق، شاهدنا ذلك عند لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز به، ولمسنا ذلك أثناء زيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز له في مكتبه، وماخصّوه به من التوقير والتقدير.
وهي سمة في قيادتنا عرفوا بها لأهل العلم والفضل.
واليوم ونحن نودعه بكل الدعوات إلى الله له بوافر الرحمات ورفيع الدرجات، فإننا نثق أن في القوم من أهل العلم في وطننا؛ الرجال الثقات، والعلماء الأجلاء، الذين سيحملون عبء المهمة بكل قوة وأمانة، وأننا مع هذه المؤسسة العلمية الرصينة الراسخة؛ الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في مساحة الثقة والتمكين.
رحم الله الراحل بواسع رحمته وجعل لنا من علماء وطننا خير خلف، إنا لله وإنا إليه راجعون.