في يومٍ عظيم من أيام الوطن وبينما تحتفي القلوب بمجد التاريخ وتضحيات المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه وتباشير النهضة جاءنا خبرٌ أوجع الأفئدة وأدمى القلوب وأبكى العيون ألا وهو رحيل العالم الجليل والمفتي الكبير، وشيخنا الوقور عبدالعزيز ال الشيخ الذي كان ركناً من أركان العلم وعلماً من أعلام الفتوى والقضاء ومناراً يهتدي به السالكون في ظلمات الفتن…
لقد كان –رحمه الله– صوت الحق إذا خفتت الأصوات وراية الهدى إذا اضطربت السبل ومصباح الأمة إذا اشتدّت الظلمات. فقدانه ثُلمة لا تُسدّ ونقص لا يُجبر ومصيبة عظيمة على الأمة جمعاء فقد كان منارة علمٍ شامخة وركيزة من ركائز الفقه الراسخ ورمزاً للثبات على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وحملة لواء الشريعة وحرّاس العقيدة وفقدهم ليس فقداً لأشخاص فحسب بل فقدٌ لعلمٍ يُرفع، وبابٍ من أبواب الهداية يُغلق. لقد كان شيخنا المفتي مدرسة قائمة بذاتها، يجمع بين رسوخ العلم، وسماحة الخلق، وصدق النصيحة، فكان –رحمه الله– أباً للأمة، وناصحاً للأمراء، وعوناً للقضاة، وداعماً للدعاة، ومعلّماً للطلاب ولعلنا شاهدنا الصور الاخيره التي تم تداولها وهو على فراش المرض لم يتوقف عن برنامجه المعتاد ليجيب على اسئله المستمعين فقد كان خير خلف لخير سلف سماحه الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله فقد سار على نهجه رحمهم الله رحمه واسعه.
إننا نستذكر قوله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله لا ينزع العلم انتزاعًا، ينتزعه من العباد، ولكن ينزعه بوفاة العلماء، حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤساءً جهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلّوا وأضلّوا»
نعم أيها الاحبه .. لقد رحل الجسد لكن بقي الأثر وبقيت المواقف وبقي العلم الذي نشره في المحافل والمنابر وبقيت الفتاوى التي أنارت للناس دروب حياتهم، فصار إرثه علماً خالداً يرفع ذكره ودعوات صالحة تتردد في جنبات الأرض.
وإنّا إذ نفقده في يومنا الوطني المجيد فإننا نوقن أن رحيله ليس إلا تذكيراً بعظمة العلم وأهله وبأن الأمم لا تُبنى إلا بعلمائها وقادتها ورجالها المخلصين. وإن في وفاته عظة بليغة تُلزمنا أن نتمسك بما ترك من علم وأن نقتدي به في صدقه وثباته.ونسال الله ان يرحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض يارب.
رحم الله مفتي المملكة وجعل ما قدّم من علمٍ ونصحٍ في موازين حسناته ورفع درجته في عليين وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، إنّا لله وإنّا إليه راجعون