خبر عاجل - بقلم - حصة حشروف
عندما تولى عمر ابن الخطاب خلافة المسلمين وأصبح أمير المؤمنين كان عند غياب الشمس وسكون الليل يمشي في شوارع المدينة وخارجها يتفقد احوال المسلمين.
لأنه يدرك أنه حمل على عاتقه أمانة عظيمة ويعلم أنه سوف يحاسب عليها أمام الله عز وجل، فلم ترتاح نفسه ولم يهدىء باله حتى يمشي بنفسه لعله يجد محتاج ليقضي له حاجته، هذا غير أنه كان يتابع أمور الدولة بنفسه على الدوام فلم يكتفي بأن يحسن إختيار عماله بل كان يبذل أقصى الجهد لمتابعتهم بعد أن يتولون أعمالهم ليطمئن على حسن سيرتهم و مخافة أن تنحرف بهم نفوسهم وكان شعاره لهم: " خيرآ لي أن أعزل كل يوم واليآ من أن يبقى ظالما ساعة من نهار ".
فقد كان قاضيا خبيرآ فقد إشتهر بعدله وإنصافه للناس من المظالم سواء مسلمين أو غير مسلمين ولقد صدق ابن عباس عندما قال : رحم الله أبا حفص كان والله حليف الإسلام و مأوى الأيتام ومحل الإيمان ومعاذ الضعفاء و معقل الحنفاء للخلق حصنا وللناس عونا قام بحق الله صابرا محتسبا حتى أظهر الله الدين وفتح الديار وذكر الله في الأقطار والمناهل وعلى الغلال وفي الضواحي والبقاع.
فلم يكن في عهده رضي الله عنه مايسمى بالإهمال والتسيب وعدم الاحساس بالمسؤولية وضياع الامانة والفساد كان إداريا أو ماليا أو غيره من أنواع الفساد والتي أصبحت آفة مجتمعية فتاكة صحيح انها ظاهره قديمة ومخضرمة وقد وجدت في كل العصور وفي كل المجتمعات الغنية والفقيرة المتعلمة والأمية والقوية والضعيفة.
لكن أصبحت في وقتنا هذا تشكل مشكلة عالمية وخاصة في مجتمعات العالم الثالث، فقد تسببت ظاهرة الفساد الإداري والمالي في مشاكل اقتصادية كبيرة حيث أصبحت حاجزا أمام التقدم والتطور السليم لأي دولة.
لانها إنتهاك للقوانين وإنحراف عن تأدية الواجبات الرسمية في القطاع العام أو الخاص لتحقيق مكاسب مالية شخصية حتى لو كان على حساب الشرف الوظيفي والمهني أو القيم والمعتقدات التي تؤمن بها المجتمعات .
إن ظاهرة الفساد تعرقل عملية البناء والتقدم في كافة المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية والثقافية لعموم أبناء المجتمع، فهي تهدر الاموال والثروات والوقت والطاقة وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وهذا ما يؤخر نمو الدولة وتقدمها ويجعلها دائما متخلفة بسبب انانية ومرض بعض النفوس التي قدمت الجانب الشخصي على الجانب العام وبشكل غير قانوني.
عندما نريد أن نحارب هذه الظاهرة ونقلعها من جذورها لابد أن نبداء من أعلى المستويات إلى أقل مراتب الوظيفة أي من أكبر مسؤول إلى أصغر موظف بتطبيق أنظمة وقوانين الدولة، والحث على الاخلاص في العمل والمحافظة على المال العام والإبتعاد عما يخل بالشرف الوظيفي وإحترام وطاعة الرؤساء ومراعاة أداب الذوق العام وحسن المعاملة والشفافية والنزاهة في العمل، ومحاسبة ومعاقبة كل شخص يتعدى على المال العام بشكل أو بأخر، حتى تتحقق الأهداف وتزداد الإنتاجية الإقتصادية في الدولة .
بذلك سوف نرى تغيرآ واضحآ في المستوى الإقتصادي والحضاري في الدولة، فهل نجد مثل عمر في وقتنا هذا !!!