كلنا يعلم ما للأسرة من دور عظيم في بناء المجتمع وبالتالي في بناءالأمم، وكما هو معلوم في أي عملية بناء وقبل وضع اول لبنة ، لابد من تمهيد الأرضية للبناء وما يتبعها من تدعيم ووضع الأساسات السليمة من وضع الخطط ، وتوفير المواد والموارد اللازمة لاتمام هذا البناء.
ويعتبر حسن إختيار الزوج والزوجة من أهم عوامل التنمية البشرية .
والأساس لدينا هنا في تكوين الأسرة هنا الرجل والمرأة الصالحين قال صلى الله عليه وسلم : ( اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه والا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
قال رجل للحسن: " قد خطب ابنتي جماعة فمن أُزَوِّجُهَا؟ قَالَ: مِمَّنْ يَتَّقِي اللَّهَ ، فَإِنْ أَحَبَّهَا أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
إن صلاح الأسرة طريق أمان الأوطان، ولن يصلح مجتمع ضعفت وتهاوتْ فيه دعائم الأسرة .
وقد امتنَّ اللّه سبحانه على عباده بنعمة اجتماع الأسرة وما يتحقق فيها من تآلف وترابط.
قال سبحانه وتعالى : (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ )
إن الزوجين وما يقوم بينهما من علاقة وطيدة، والوالدين وما يتربى في أحضانهما من أبناء يمثلّان حاضر الأمة ومستقبلها، وأن الشيطان حين يهدم روابط أسرة فهو لا يهدم بيتًا واحدًا، وإنما يوقع الأمة في أذى كبير. وفي مواجهة ذلك نجد أن من اهم دعائم قيام الأسرة السليمة .
(1) الإيمان :
ان قامت الأسرة على قاعدة من الإيمان بالله ومن ثم الإيمان بعظيم دورها لعمارة الأرض وعبادة الله حق عبادته ساهم ذلك ب تهَيِئه العلاقة الأسرية السليمة للأبناء وكفالة النشأة الصحية البعيدة عن الصراعات والاختلافات التي تقوض بناء هذه الأسرة ويقوي أركانها مراعاة الله في العبادات والاجتهاد في الطاعات سائلين الله الذرية الصالحة وأن يجعلها الله قرة أعين للوالدين قال تعالى ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ)
(2) المعاشرة بالمعروف :
ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة كل طرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات وإنَّ نُشْدَان الكمال أمر محال ، و أن استكمال كل الصفات والشمائل الحسنة بعيد المنال في الطبع البشري .
ومن تمام العقل ونضج التفكير تعويد النفس على قبول بعض المضايقات ، والغض عن بعض المنغصات يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم - وهو الذي لا ينطق عن الهوى- : (واستوصُوا بالنساء خيرًا فإنهن خُلِقْنَ من ضلع ، وإنَّ أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرًا ).
معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرم زوجاته ويتحبب إليهن وإذا سئل عن أحب الناس إليه قال "عائشة" وأنه كان يقف لها حتى تشاهد لعب الحبشة بجوار المسجد وأنه كان يسابقها وتسابقه، وكان يضع ركبته لتصعد عليها صفيه إلى ناقتها ويقوم عندما تأتيه ابنته فاطمة ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها وأنه كان يكرم من يزوره من كرام السيدات خاصة من كن يزرنه أيام خديجة ويفرش لهن رداءه. ويساعدهن في أعمال البيت ولا يترفع عن ذلك ولا يقلل من مقامه لديهن فهو سيد بني آدم ورسول الله ونبيه المصطفى .
(3) القوامة :
من حسن القوامة على أهل البيت الانفاق من سعة والرعاية لشؤونهم والعطف عليهم وعدم الاسترسال مع ما قد يظهر من مشاعر الضيق و تذكَّر جوانب الخير فيهم.
وفي مثل هذا يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : (لا يفْرَك مؤمنٌ مؤمنةً- أي : لا يُبغض ولا يكْره- إن كره منها خلقًا رضي منها آخر ) .
ويقول- عَزَّ من قائل-L وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ففإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) .
بالاستعانة على ذلك بالمودّة والرحمة والأنس والتآلف فحسن العشرة وأسباب السعادة لا تكون إلا في اللين والبعد عن سرعة الغضب
ملخص القوامة تتضح بما يلي :
"الرجال قوامون على النساء..."
"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.. وللرجال عليهن درجة"
"2كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته"
"كفى بالمرء إثمًا أن يُضيَّع من يعول"
"إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم" ونجدها في تطبيق سيد الخلق أجمعين النبي محمد صلى الله عليه وسلم القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
وما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلا في سبيل الله.
في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ).
قال الشوكاني رحمه الله : في ذلك تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله ، فإن الأهل هم الأحقاء بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر وكثيرا ما يقع الناس في هذه الورطة فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقا وأشحهم نفسا وأقلهم خيرا وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق نسأل الله السلامة .
نيل الأوطار ( 6/260)
يتبع