أقامت منصة إعلاميي الأحساء، ندوة نقاشية، يوم الأربعاء الماضي، حول الأسباب التي أدت إلى تراجع الصحافة الأدبية في الآونة الأخيرة، وعن تاريخ الصحافة الأدبية وعن تأثرها بالمستحدثات العصرية كمواقع التواصل الاجتماعي والتحول إلي الصحافة الإلكترونية، أدار الندوة الإعلامي إبراهيم عبد اللطيف منصور، أحد أعضاء المنصة والحاصل على ماجستير البلاغة والنقد الأدبي.
وقال منصور، أن الصحافة الأدبية هي شكل من أشكال الصحافة المتخصصة التي تهتم بها فئة معينة، مثلها مثل الصحافة الاقتصادية و الرياضية، وتعد الصحافة الأدبية هي الأحدث في الظهور في الوطن العربي، لكنها مازالت في مرحلة تذبذب بين الازدهار و التراجع بسبب ما تمر به بلاد الوطن العربي من تقلبات خاصةً في الفترة الأخيرة.
وأضاف منصور، أن سبب تراجع النشر الأدبي في العصر الحديث لأن ثقافة الصورة أصبحت هي المسيطرة، في ظل طفرة تكنولوجيا الاتصالات في القرن الحادي والعشرين التي أدت إلى الربط بين مختلف دول العالم عن طريق استخدام الإنترنت، وحلت الصحافة الإلكترونية كبديل للصحافة الورقية، وأصبحت الشاشة بديل للورق وأصبحت القنوات المتاحة للنشر تصل إلى أكبر عدد من الجماهير محلياً ودولياً وثقافة الصورة جاءت من الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المختلفة، وأصبح القارئ يبحث في المقام الأول عن الصورة أو الفيديو ويفضلها عن الكلمة المقروءة.
وأشار منصور، إلى أن الوقت الحاضر لم يعد هناك نجوم وعظماء في مجال الأدب مثل الشاعر أحمد شوقي، والشاعر حافظ إبراهيم والأديب نجيب محفوظ، والأديب عباس محمود العقاد، وبالتالي لا توجد أسماء لامعة تستطيع أن تجذب الجمهور من مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكر منصور، أنه في البداية كانت الصحف اليومية المقروءة تخصص أبوابًا للأدب أسبوعية أو يومية في بعض الصحف الكبرى إلى جانب بعض المجلات و الصحف المتخصصة التي تختص بالشأن الثقافي و الأدبي، مثل صحيفة الأهرام المصرية وهي التي كانت الأكثر توزيعاً في الوطن العربي، في القرن التاسع العشر، كان إذا كتب أمير الشعراء أحمد شوقي، قصيدة يتم نشرها في الصفحة الأولى وهذا أمر يدل على أن الأدب أو الصحافة الأدبية كان لها اهتمام كبير سابقاً.
وعن بداية الصحافة الأدبية قال منصور، أن الصحافة الأدبية هي واحدة من مكونات الإعلام الثقافي التي تساعد في دفع حركة الثقافة والتنوير بالمظاهر الثقافية في المجتمع و التطورات التي تطرأ عليه، وبالطبع كان الأدب سابقاً للصحافة و الصحفيين الأوائل كان معظمهم من الأدباء، وكل الأدباء العرب كانت لهم أبواب ثابتة في الصحف اليومية أو الأسبوعية أو المجلات، ومع ظهور الصحافة ظهر فن من فنون الكتابة وهو فن المقالة، ما يعني أن فن المقالة لم يكن موجود قبل الصحافة، والوجود الأول كان للأدب ثم جاءت الصحافة من بعد.
وقال منصور، في رده حول سؤال عن الفرق بين الصحافة الأدبية والصحافة الثقافية، أن الأدب جزء من ثقافة المجتمع بمعني أن ثقافة المجتمع تشمل كل ما يملكه المجتمع من رصيد ثقافي على المستوى الشعبي و المستوى الحضاري، وتشمل كل الفنون وجميع المورثات والحرف الشعبية، أما الأدب فيختص بالشعر والنثر والقصص القصيرة والروايات الطويلة والخواطر.
وعن العلاقة بين الصحافة والأدب قال منصور، أن اللغة التي يتحدث بها الأديب أو الصحفي هى العامل المشترك، فهى لغة متوسطة يستطيع القارئ المثقف والغير مثقف أن يفهمها، ورغم أن الأديب يعتمد أكثر على الخيال في الكتابة إلا أنه يستمد أفكاره من الواقع المحيط به وخبراته المجتمعية، كما أن الصحافة كانت مصدر رزق وبوابة للشهرة للعديد من الأدباء.
وفي إجابته عن سؤال حول كيفية تأليف الكتب في الوقت الحالي خاصة وأن هناك العديد من الشباب قليلو الخبرة أصدروا في الآونة الأخيرة مؤلفات، قال منصور، أن هناك طرق حديثة للتأليف كإقامة ورش كتابة مكونة من عدد المؤلفين، وأكد أن الكاتب العربي عندما يبحث في تراثه سيجد الكثير من المصادر الغنية التي يستطيع أن يستلهم منها العديد من الأفكار.
وعن تقييمه للمشهد الثقافي في محافظة الأحساء ذكر منصور، أن محافظة الأحساء تمتلك العديد من الشعراء والأدباء، لكن التغطية الإعلامية للأدب في الاحساء ضعيفة جداً لأن الصحفي في الأحساء يكتب في كل شيء إلا أنه يوجد صحفي متخصص في الصحافة الأدبية، ولا توجد صحيفة متخصصة في نقل الأحداث والفعاليات الثقافية وأخبار الأدباء والمشهد الثقافي بشكل عام، رغم أن هذه المحافظة تنبض بالأدب و بالمبدعين.