دور الأحزاب السياسية اليمنية وموقفها في الفترة الماضية منذ دخول المليشيات المسلحة شمال اليمن وإحتلال صنعاء وإنقلابه على الحكومة الشرعية قبل بداية عاصفة الحزم حتى إنقلاب الإنفصاليين في جنوبه مؤخراً بعد تحرير عدن وتشكيل “مجلس إنتقالي”!
فمنذ توغُل المليشيات المسلحة بأنحاء اليمن تلاشت مواقف الأحزاب السياسية وانخفضت أصواتها وارتفعت مكانها أصوات الرصاص الذي أخرس لسان الحِكمة.
كثيراً من هذه الأحزاب التزمت الصمت حيال قضايا اليمن بإستثناء بعض البيانات الضعيفة التي ربما لاتسد الفراغ في الموقف السياسي ولم تعبر بالقدر الكافي عن المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الأحزاب عَقِب دخول المليشيات المسلحة في شمال وجنوب اليمن.
مانود أن نقف عليه علاقة بعض الأحزاب اليمنية ببعضها ومشاريعها المُتغيرة وإلتزامها الصمت الذي شبهه البعض بالموت السياسي عن الحديث حول تسلط الحوثي وإرتباطه من بعيد في مشروع الإنفصال بالجنوب والى اي مدى تتفق المصالح وإن لم يكن متوافقاً عليها بين الطرفين ،،
بعد أن كانت الاحزاب مجتمعة ومشتركة بمشروع وطني واحد وتُعتبر محل ثقة وهي راعية الحل والعقد في الشأن السياسي، صمت بعضها وتحالف بعضها الآخر مع المليشيات الذي اخسرها ثقة المواطن بمنظور الكثيرين !!
ولهذا اختارت صحيفة “خبر عاجل” ضيفها المحلل السياسي
اليمني الدكتور محمد جميح ليكشف لنا أوراق الحوثي في الشمال والإنتقالي في الجنوب ومدى الصمت عن بعضهما لأجل المصلحة .
هل هناك ثمة علاقة او توافق مصالح بين الهاشمية السياسية والإشتراكية الانفصالية في اليمن ؟
الهاشمية السياسية في نسختها الحوثية في اليمن مشروع قائم على أحقية إلهية في السلطة والثروة لفئة من الناس على أسس سلالية، وهذا المشروع هو بالأساس مشروع انفصالي، لانه يجسد فكرة تقسيم المجتمع إلى رعاة ورعية ليس على أساس اختيار الشعب، ولكن على أساس ما يعتقدون أنه اختيار الله، وكما أن الهاشمية السياسية في شمال اليمن مشروع انفصال طائفي وسلالي فإن الانفصال الشطري في الجنوب مشروع تقسيم جغرافي. والمشروعان بشكل أو بآخر يخدم كل منهما الآخر، إذ يعتقد الحوثيون أنهم لن يتمكنوا من إحكام سيطرتهم على الشمال إلا بوجود حركة انفصال في الجنوب، كما يعتقد أصحاب مشروع الانفصال في الجنوب أن طريقهم إلى دولتهم سيتم عبر بقاء الحوثي قوياً ليظل الصراع مستمراً بينه وبين الشرعية في الشمال، بما يمكن أصحاب مشروع الانفصال الجغرافي من ترتيب أمورهم، كما يتصورون.
هل كان الحزبان حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح يشكلان عائقاً امام طموح الهاشمية السياسية والانفصالية الاشتراكية وهل يعتبر ذلك هو السر الذي يقف خلف عداء الانتقاليين لحزب الاصلاح الآن ؟
حزبا المؤتمر والإصلاح كانا متناغمين في حياة الشيخ الراحل عبدالله الأحمر والرئيس السابق علي عبدالله صالح، ثم بعد ذلك حصلت الخلافات، وتشكل تكتل اللقاء المشترك المعارض الذي كان الإصلاح أكبر أحزابه، وكان ضمنه حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، وهما حزبان بتوجهات وأفكار تدور حول أهداف الهاشمية السياسية. وبعد الإطاحة بالرئيس صالح تحلل تكتل اللقاء المشترك، وانحاز حزبا: الحق واتحاد القوى الشعبية للحوثيين، في تناغم مع طروحات الهاشمية السياسية، واليوم يرى الكثير من اليمنيين أنه يجب عودة التنسيق بين الحزبين الكبيرين في البلاد لمواجهة تحديات الانفصال الطائفي في الشمال والانفصال المناطقي في الجنوب.
ما هو دور طارق صالح في اليمن وهل يعتبر بكل صراحة ذراع التحالف ام ذراع للأمارات فقط تحت شعار التحالف ؟
من وجهة نظري أننا يجب أن نقف مع كل من يقاوم الانقلاب الحوثي، وأعتقد أنه يفترض أن ينسق خصوم الحوثي فيما بينهم لمواجهته. إلى الآن لم يقاتل طارق صالح ضد الشرعية وإن كان لم يعلن صراحة الاعتراف بها، ومع هذا فيفترض أن يكون هناك تنسيق لاستيعاب قواته، كي تصب الجهود جميعها لمقاومة انقلاب الحوثيين، ولمنع أي صدام مستقبلي قد يحدث بين قوات المقاومة الوطنية وقوات الشرعية، لا سمح الله.
الا ترى أن دعم الإنتقالي ومشروع الإنفصال هو إضعاف للشرعية ودعم لتثبيت حكم الحوثي؟
يعرف الحوثي أن انتصار مشروع فصل الجنوب عن اليمن يعني انتصاره في الشمال، ويعرف الانتقالي أن انتصار الحوثي في الشمال يعني ذهاب الجنوب بعيداً، لاستحالة استمرار الوحدة مع جماعة طائفية فاقعة اللون تحكم صنعاء، ولذا فالمشروعان يتخادمان ويضعفان مؤسسات الشرعية اليمنية، كما ذكرت لك.
هل هناك مصلحة للشعب اليمني من مشروع الإنفصال الذي يرفضه كثير من أبناء اليمن ودول الخليج!
ليس في مشاريع التقسيم غير الصراعات المستمرة والحروب واستمرار تقسيم المقسم، ولنا عبرة في أقاليم في العالم أرادت الانفصال فكانت النتيجة ضياع مكتسبات كثيرة.
قيام الجماعة الحوثية بشرعنة لائحة تجيز لها بأخذ 20 في المائة من أموال اليمنيين وثرواتهم تحت مسمى «الخمس» لماذا الان وما ضرر ذلك على الاقتصاد والمواطن اليمني ؟
يبدو أن الحوثيين يكشفون عن أنفسهم وأهدافهم رويداً رويداً، حيث لم يكن أحد يتوقع يوم دخولهم صنعاء- تحت مبرر إسقاط حكومة الفساد-أن يأتي يوم على هذه الجماعة تمارس فيه الفساد تحت يافطة دينية.
ولكن هذه الجماعة تظن أن اليمنيين وصلوا إلى مرحلة من الاستكانة تمكنها من فرض ما تشاء، وذلك من قبيل العمى الذي يصيب كل الجماعات التي تغتر لبعض المكتسبات التي تحصلت عليها خلال الفترة الماضية.
لكن من يعرف حركة التاريخ وطباع اليمنيين يعي جيداً أن هذه الجماعة العنصرية تحفر قبرها بتصرفاتها العنصرية التي لا تخضع لمنطق العصر، والتي تغلفها بالدين وأهل البيت وغير ذلك من المسميات.
ولائحة الخمس التي لاقت إدانة يمنية وعربية ودولية واسعة هي وصفة عنصرية لن يجني الحوثي من ورائها إلا مزيد من نقمة اليمنيين وسخطهم عليه، وفي الوقت الذي يتصور الحوثي أنه قد استقر في صنعاء، سيفاجأ بان تصوراته مجرد وهم، لأن معظم اليمنيين لا يتفقون مع طروحاته، ومن هم معه اليوم لهم أسبابهم التي تدور في مجملها حول سياسة الترغيب والترهيب التي يمارسها الحوثي ضد خصومه.