تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع والخدمات من أهم القضايا التي شغلت المجتمع السعودي في الأيام الماضية لتصنيفه من المجتمعات الاستهلاكية، وباعتبار هذه النوعية من الضرائب أداة حكومية تساعد على التحول من مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى إلى مجتمع اقتصادي واعي إلا أنها سلاح ذو حدين تؤثر على السلوك الاستهلاكي للمستهلك السعودي وذلك وفقاً لطريقة تعاطيه معها. ويهدف هذا المقال إلى إيجاد العلاقة بين تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة والسلوك الاستهلاكي لأفراد الأسرة السعودية.
المشاريع الصغيرة ستكون أكثر تضرراً من المشاريع الكبيرة بهذه الضريبة، لعدة أسباب أهمها ارتفاع أسعار مدخلاتها مقارنة بالشركات الكبيرة التي تشتري باسعار أقل، وهذا سيزيد من سيطرة الشركات الكبيرة على السوق، التي تستطيع تمرير كامل تكلفة الضريبة إلى المستهلك النهائي.
أما المشاريع الكبيرة فقد تضطر لتحمل جزء من هذه الضريبة إذا ما أرادت الاستمرار في المنافسة. أمر آخر وهو التكاليف التي ستتكبدها المشاريع الصغيرة لمتابعة وحساب واسترجاع قيمة الضريبة المضافة، حيث ستكون هذه التكاليف عالية نسبة إلى إمكانيات وموارد هذه المشاريع.
أثرها على التوظيف والمجتمع :
سيقوم القطاع الخاص بالعمل على تقليل حجم نفقاته قدر المستطاع لكي يقلص من أثر الضريبة على ربحيته.
ومن الوسائل التي سيلجأ إليها تقليص الانتاج بقدر تراجع الطلب، والوسيلة الأسهل لذلك هي تسريح العاملين أو تقليص أجورهم. كما أن الاقتصاد سيخسر العديد من الوظائف نتيجة خروج بعض الاستثمارات أو عدم قدومها.
بعض أصحاب المشاريع الصغيرة أيضاً قد يتحولون إلى طالبي وظائف بدلاً من كونهم أرباب أعمال توفر فرص عمل للآخرين. وهذا كله سيفاقم من مشكلة البطالة التي تعاني منها المملكة.
وحيث أن الدولة تبذل ومنذ سنوات العديد من الجهود والمبادرات لتنمية القطاع الخاص وتحفيز الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص على توظيف المواطنين، وقد انفقت مبالغ طائلة في سبيل تحقيق هذا الهدف. فإن فرض ضريبة القيمة المضافة ، سيأتي في اتجاه مناقض لكل تلك الجهود.
ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة على الاستهلاك، وستقوم الشركات بتمرير هذه الضريبة إلى المستهلك.
لذا سترتفع الأسعار وسينخفض مستوى الطلب، وارتفاع الأسعار سيؤدي إلى تقليل مستوى الدخل المتاح للمستهلكين وبالتالي مستوى رفاهية المجتمع. وسيكون أثر هذه الضريبة أشد وطئة على ذوي الدخل المحدود الذين ينفقون معظم دخلهم على متطلبات الحياة الأساسية.
لكن الاستمرار في اعتماد المملكة على النفط كمصدر للدخل لا يجب أن يكون خياراً بل يجب البحث عن مصادر أخرى لتعزيز موارد ميزانية الدولة.
لحظة ختام..
خيار فرض ضريبة القيمة المضافة يبدو هو الحل الأمثل لهذه الأزمة الاقتصادية بسبب جائحة كورونا ، وكذلك في البحث عن توفر مصدر دخل مضمون للدولة بأقل التكاليف، وتكون آثارها الاقتصادية والاجتماعية محدودة على الفرد والمجتمع.