أمشي طريداً بين أزِقّة المدينة، تحوم حولي أرواح عديدة ترافقني منذ زمن بعيد، من هناك لمّا كنت طِفلاً.
تَدعوَني لأنهي مأساتي وأخرى
تَحُثني أن لا أستسلم تناديني يا بُنَي:" أنت لست فاشل"
منها ما هو صالح ومنها ما هو شرير، منها ما يجعلني أبتسم ومنها ما يُشعِرُني بوَخزٍ في جسدي حَيث الخنجر يُغْرَسُ في أحْشائي.
فكيف لهذا الألم أن يَضْمَحِلّ ويَتَلاشى من مُخَيِّلَتي وأفكاري.
كيف!!؟
فأنا لا أنسى ذاك الدَّمُ يَخْرُجُ من جَسَدي ويَنهَمِرُ كَشلّالٍ من بين أصابعي فأضحَك وكأنني مُعجِزَةُ عَصْري.
فقد اعتدتُ رؤية الدماء والأشلاء والجثث المتحركة في وطني
ينظر إليَّ جَميعُ الطلاب باندهاش وصدمة كأنني المُخَلِّص لهم من ضَرَباتٍ كادت أن تكون من نصيبهم ، فافتداها غبائي لأصبح مُعجِزَةٌ أَرْسَلَها الله تعالى لهم ، فأنا مُجَرَّد طِفْل لم يُتقِن نَقْض الدّم لِطهارةِ وبَراءةِ طُفولَته.
ذَنبُهُ الوَحيدُ، فِعلُ ماضٍ ومُستقبلٍ أو أمر.
أو حرف جر ونَصْبٌ وجَزم أو حتى عَطف واستفهام.
أَلَمُه أنّه لم يتعلم فنون الإستنتاجاتِ الريّاضية..
ولم يُتقِن حفظ حَياة كاتبٍ أو قائدَ جيوش.
لن أيأس فأمثالي لا يعرفون اليأس أبدا.
طموحاتي لن أجْعلها تحت رحمة مُدَرِّس أو قَرارِ مُعَلِّم.
لن أَجْعلْها تَحت رحمة صَكٍّ لعين من خلال ورقة تُثْبت نجاحي.
فطموحاتي لن يُكَبِّلها أوهام. فَلِما اذاً لا أطير في فضائي.!!
حالتي هذه لا تُحَلُّ بمعادلة بسيطة..
لا تُحَلُّ بِنُصْحٍ أو إرشاد..
جُلُّ ما أحتاجُه، إبتسامةً عَلِّيَ أُبْحِرُ بسلام وأعْبُر محيط حُزني وآلامي.
فلقد آثرت نَثْر بُذور الحُب والخير من خلال كلماتيَ هذه، عَلَّها تَكونُ بَلْسَماً لأؤلئك الذين لم تَضْحَك سِنينُ الحياةِ لهم .
لأوصِلَ رِسالةً للمعَلِّم أنَّ الله اختارَكَ وجَعلك في موقعك لتَكون عاملَ بِناء ،ولا يليقُ لك هَدْمُ إنسان.
إنه إنسان ،أتدري ماذ يعني إنسان!!!
فَلَرُبَّما كَلِمةٌ منك تُحيى بِها إنسان ،وأخرى تَقتلُه بها فاخْتَر أيّهما شئت أيها المُعَلِّم.