الشيخ الدكتور : محمد سعد العصيمي يتحدث عن استخدام الجرس في الجوال والبيت
جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس .). وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الجرس مزامير الشيطان ) ففي هذه الرواية علة التحريم .
فالجرس إن كان فيه صوت معازف التي تحدث الطرب، كما هو صوت الجرس الذي يكون على الماشية من بهيمة الأنعام حيث يعلق على الدواب ويكون له رنة تجلب الطرب والتمتع بصوته، فهذا هو الذي ينهى عنه وهو المراد الذي بينته رواية مسلم ( الجرس مزامير الشيطان )
والقاعدة : العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام .
– وهي من ضمن القواعد التسعون في الفقه والأصول التي سبق شرحها.
فالمنهي عنه صوت الجرس لأنه موسيقى فإن كان ماشابهاً لصوت الموسيقى فحكمهما واحد .
قال شيخنا العثيمين : والجرس معلوم وهو هذا الذي يعلق على الدواب ويكون له رنة معينة تجلب النشوى والطرب والتمتع بصوته فهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث أخبر أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس لأنه مع مشي الدواب وهملجتها يكون له شيء من العزف والموسيقى ومن المعلوم أن المعازف حرام .
قال النووي في شرح صحيح مسلم: “الجرس بفتح الراء معروف ـ وهو الناقوس ـ وبإسكانها اسم للصوت، فأصل الجرس بالإسكان الصوت الخفي.
وإذا كان المراد بالجرس الناقوس: فيكون النهي للتشبه بغير المسلمين.
والقاعدة : التشبه بالمشركين فيما هو من خصائصهم في عاداتهم وعباداتهم لا يجوز.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
وفِي حديث أبي هريرة السابق كراهة استصحاب الكلب والجرس في الأسفار، وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما، والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة، فإنهم يدخلون في كل بيت ولا يفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها.
وأما الجرس فقيل: سبب مُنافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهي عنها – كالتمائم – وقيل: سببه كراهة صوتها، وتؤيده رواية(.. مزامير الشيطان ).
وفي نهاية ابن الأثير ” مادة جرس” أن الجرس هو الجُلْجُل الذي يُعلَّق على الدواب وقيل: إنما كرهه؛ لأنه يدل على أصحابه بصوته، وكان ـ عليه السلام ـ يُحب ألا يَعلم العدوُّ به حتى يأتيَهم فجأة، وقيل غير ذلك.
أما صوت الجرس غير المُعلَّق على الحيوانات، وفي غير السفر، كصوت الساعة الدقاقة في البيوت أو المساجد، وكدق الأجراس لضبط المرور أو العمل أو نحو ذلك فلا تدخل في النهي .ـ
ولا يجوز أن تكن رنة الجوال ونحو رنة موسيقى ، وذلك لأن ذلك من المعازف .
فالمسألة مناطها على التبيه والتنغيم فإن كان للتنبيه عرفا فلا بأس به كما في البخاري كان ينزل عليه صلى الله عليه وسلم مثل صلصلة الجرس تنبيها لحضور الملك
أما إذا كان للتنغيم والطرب فهذا الذي ورد فيه النهي
وبها تجتمع الأحاديث الصحيحة كما ذكر الفقهاء والله أعلم
الشيخ الدكتور / محمد بن سعد العصيمي.
أستاذ الدراسات العليا ، بجامعة أم القرى .