منال حسين معلوي
وقفت تلك الصغيرة المتمرده ضد الخضوع و كنت قد أسررت اعجابي بها بشجاعة أمامي و قالت: أنا لست أنتي يا أمي و لن أكون. حينها تلقيت الصفعة لإستيقظ من قناعة أنا فقط من وضع أسسها و أنا فقط من ناقشها مع ذاتي وأنا فقط من وافق عليها و علىٰ الجميع أن يتماشوا و يتعايشوا مع ما أريد. لا أستطيع أن اصف العمليه الا بالنظام الديكتاتوري ،و قمة السيطرة . عندما سمعت تلك الكلمات شعرت بالإهانة و بالصدمة و خليط من مشاعر سلبية .شعرت و كأنها قد قدحت في حق الرسول. نعم في حق الرسول ،كنت أظن أنني كأم و كما يظن معظم الامهات و الاباء بدون أن يشعروا في عقلهم الباطن بأنهم رسل و رسالتهم صالحة لكل زمان و مكان ولكل إنسان .نعتقد بأننا منتقيين و مصطفيين و خالين من العيوب و يحق لنا أن نقولب أطفالنا كما نريد و المصيبة عندما نختار أنفسنا كقوالب. كنت أعتقد اني أعرف ما هو الأمثل لها. كيف تعديت عليها كإنسان له الخيار و كيف تعديت على اختيار مساراتها في الحياة !!!! الحب قد يصبح بغيضاً و مقيتاً عندما يصبح فيه بعضا” من حب التملك . نعم نحن نتملكهم، افعل كذا ،و لا تفعل كذا ،و كن كذا ،و لا تكن كذا ، و أريدك أن تكون كذا ، متجاهلين ماذا يريدون أن يكونون . أريدك و أريدك وأريدك كذا وكذا – أستوقفتني قليلاً هذه المطالب و قلت هذا ليس حب تملك فقط بل هو حب مشروط بما نريد و قد يطغىٰ علىٰ حبنا الغير مشروط في نواحي اخرىٰ فنصبح كثيري الأوامر و الطلبات و ندفع ابناءنا لأبعد نقطه عنا. ليس فقط لأبعد نقطه بالاجساد و المسافات بل بالإختيارات في الحياة، في المهنة، و في اختيار الشريك ، و في الأحاسيس والمشاعر ، فلا يريد أن يشاركك همه أو فرحه أو قلقه أو خطته أو حلمه . كأنهم بكل لطف ينفونا من عالمهم لإننا أردنا أن نقيهم عثراتنا و آلامنا وأخطاءنا .لإننا أردنا و نريد لهم مستقبل أفضل و عالم أفضل و مصير أفضل . ولم نعلم أن هذا يُفسد الروابط الأسمىٰ التي تربطنا بهم . دعه يرسم مستقبله بألوانه و علمه وأن يقرر و يتحمل تبعات قراره .دعه يكون مسؤولاً و يمسك بزمام أمور حياته، و كن قريب متى ما أرادك وجدك كصديق. خطؤنا الجلل أننا نعتقد بأننا ساده الزمن و محترفيه بينما قد سبقنا من هم افضل و أكفأ من الأجيال الذهبيه. لقد كنت اخشىٰ بقوه اهتمامات هذا الجيل حيث ينشأ الشاب ناعماً لا يحمي ، و الفتاة خشنه جداً تخدش .لقد كنت افكر و بصدد أن اقرر عندما يتقدم بي العمر فلن اسلم نفسي لأي طبيب من الجيل الناشئ لإنه و كما اخشىٰ إن كنت في لحظاتي الاخيرة بدلاً من انعاشي و انقاذي سيمسك الطبيب بجهازه و يجعلني إحدىٰ ” الهاشتقات المتداولة” تحت عنوان “مريضتي تحتضر دعواتكم لها بالثبات” ، ولن ينسىٰ ذلك المتهور أن يضع وجه تعبيري مناسب ليدل علىٰ أنه متعاطف معي بعض الشيء. لقد كانت لدي بعض المخاوف و مازال بعضها و لكن عندما دخلت في الأعماق و سمعت و رأيت و عاصرت ، فوجدت جيلا منطلقاً لا يتردد و لا يحكمه قيود وهمية خلقناها لأنفسنا في الماضي. وجدت جيلاً من السيادة في التفكير و يفكر بأنماط مختلفه و لا يتبع الحشود، و هذا ما نريد ليتولد الإبداع بعد الإبداع . وجدت فتيات صغيرات في عالم التجارة كسمكات صغيرة تسبح في عالم الهوامير، وجدت شباب ملئ بالطاقة و ينتظر أن تُوجه لمساراتها الصحيحة ، وجدت اختراعات و شهادات و أوسمة ، وجدت كما ذكرت في بداية مقالي تلك الصغيرة المتمردة تقول أنا لست أنتي و لن أكون يا أمي.