غازي الفقيه
بمجرد أن تقع عيناك على هذا المطلع الذي عنونا به مقالتنا في كتاب أو تسمعه من واعظ فإنك لن تسمع ولن تقرأ إلا تقريعاً وتجهيلاً وتقزيماً بحق العرب كل العرب دون استثناء بنص ماسمعت وقرأت وكأن كل ذلك الرّدح مُجْمع على صحته وقوة مصادره ولايأتيه ماينفيه من بين يديه ولا من خلفه !
وتصبح في موقف عقلاني وعاطفي لاتحسد عليه وأنت في حالة ذهول مما لحق بجميع أسلافك (عدنانيين وقحطانيين) ..!!
تُرى هل تشتم الأمم الأخرى ماضي أجدادها كما يشتم بنو يعرب أنفسهم وماضي جدودهم..؟! لا أعتقد ذلك وإن وجد فعلى قلته فلن يقارن بقسوة ما دوِّن في كتب العرب عن جاهليتهم..!
وهذا لايعني أن العرب في جاهليتهم لم يكونوا بلا مثالب، كلا فهم بشر مثل غيرهم بل وصل بهم الحال أن عبدوا أصناماً قيل أنها بلغت قبل إسلاهم 365 صنماً بعدد أيام السنة أحاطت ببيت ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى في مكة المكرمة ومنهم من اتبع ديانات أخر مجوسية ويهودية ونصرانية وحنيفية..!!
ولهم كذلك من العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي توافق حياتهم إذاك منها المحمود ومنها المذموم..!
ولو أخذنا على سبيل المثال حال المراة العربية وما روته تلك الكتب العربية التي تكتظ صفحاتها بأبشع الصورصحيحها وسقيمها في امتهان المرأة العربية وكأنها مخلوق منبوذ مكروه وغير مرغوب في بقائه بين الرجال العرب.للدرجة التي وصلت باتهام كل العرب بوأد البنات.!!
فياللعجب : ألم يُكنّ نساؤهم أمهات وأخوات وبنات وخالات وعمّات وزوجات وانجبنّ البنين والبنات ومن ذرياتهنّ من صاروا وذاع صيتهم قادة وسادات وشعراء وشاعرات وحكماء وحكيمات وأطباء وطبيبات كرام وكريمات وتكونت منهم القبائل والشعوب.؟!!
فهذا أحد الأعراب ينفي تهمة كره البنات فيقول مرحباً بابنته:
(أهلاً وسهلاًبعقيلة النساء..وأم الأبناء وجالبة الأصهاروالأولاد الأطهار المبشرة بأخوة يتسابقون ونجباء يتلاحقون.)..!!
وهذا الشاعر العربي حطّان بن المعلّى يقول:
لولا بنيات كزغب القطا…رددن من بعض إلى بعض
لكان لي مضطرب واسع..في الأرض ذات الطول والعرض.
وإنما أولادنا بيننا..أكبادنا تمشي على الأرض
ولوهبت الريح على بعضهم..لامتنعت عيني عن الغمض..!!!
ومن أمثالهم العربية في وصف أنفة نسائهم قولهم:( تموت الحُرة ولا تأكل بثدييها.).!!
ومن كانت هذه قيمهم وأعرافهم فلا شك جديرون بنفي تهمة امتهان نسائهم وشقائقهم..!
وهل يعرف الشتّامون أنفسهم أن جُلّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أسلموا وهم كبار في السن ولهم أمهات وزوجات وبنات عاشوا الجاهلية قبل دخولهن الإسلام فهل كنّ مكرمات أم مهانات على النحو الذي تردده ألسنتهم وتكتبه أقلامهم وتنشره خطبهم وكتبهم..!!
ويكفي أن نذكرهم بالمكانة التي حظيت بها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد في مجتمعها الجاهلي قبل اقترانها برسول الله صلى الله عليه وسلم وأم أولاده وبناته رضي الله عنها وعنهم..!
ألا فليقتد جالدي عروبتهم بتعميم شتائمهم بأن الرسول محمدعليه الصلاة والسلام قد قال:(الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام) رواه أبو هريرة رضي الله عنه.! والناس هنا جمع يشمل الذكور والإناث من العرب الذي بعث فيهم رسول الله..!
وقوله صلى الله عليه وسلم:( أنما بعثت لأتمم حسن الأخلاق) رواه مالك بن أنس رضي الله عنه وهذا دليل على الأخلاق الحميدة التي تمتع بها العرب (رجال ونساء)وعرفها الرسول وهو من خيارهم عليه الصلاة والسلام فيهم وأقراتمامها.فهل من مدّكر.!!