علي مظفر
وأنا أسترجع أبيات قيس بن الخطيم، وهو يصف عمرة بنت رواحة؛أخت الصحابي عبد الله بن رواحة، وأم النعمان بن بشير وهي تنظر من داخل خيمتها في منى وقد سترت وجهها إلا إحدى عينيها فوصف الصورة وصفا جميلا ، كما أورد ابن سلام في طبقاته مضيفا، ومن الناس من يفضله على حسان؛ ولا أقول ذلك أبيات ابن الخطيم دفعتني للتتبع.
أتعرف رسماً كاطراد المذاهب لعَمْرة قفرا غير موقف راكب
ديار التي كانت ونحن على منىََ تحلّ بنا لولا نجاء الركائب
تراءت لناكالشمس تحت غمامة بداحاجب منهاوضَنّت بحاجب
ولم أرَها إلا ثلاثا على منى وعهدي بها عذراء ذات ذوائب
وحينما حجت عاتكة بنت معاوية وبينما اشتد الحر وخَلَت الطريق أمرت جواريها برفع الستر ولبست (الشفوف)وهوثوب رقيق؛ وكان “أبو دهبل الخزاعي” ينظر إليها من حيث لاتراه ولما تنبّهت له احتجبت وسبته، وغضبت، فقال متغزلا
إني دعاني الحين فاقتادني حتى رأيت الظبي بالباب
ياحسنه! إذ سبني مدبرا مستترا عني بجلباب
سبحان من وقّفها حسرة! صَبّت على القلب بأوصاب
يذود عنها إن تطلبتها أبُُ لها ليس بوهاب
أحلّها قصرا منيع الذرى يُحمى بأبواب وحجاب
انتشرت الأبيات وغنى بها المغنون ولما سمعتها عاتكة ضحكت وتذكرت الموقف ورضيت عن الشاعر وأرسلت له بكسوة وحسنت العلاقة بينهما كما جاء في الأغاني.
ربما لم يخطر ببالِِ أن شعراء كانوا يجعلون من مواسم الحج فرصة للتجوال بين الخيام والبحث عن الحسناوات حتى ولو لم تربطهم سابق معرفة ويرون الحج لايطيب إلا برؤيتهن والتغزل بهن كما قال عبيد الله بن قيس الرقيات لصاحبه لما رأى الثريا_عشيقة ابن أبي ربيعة _ في الحج.
حبذا الحج والثريا ومن بالخيف من أجلها وملقى الرّحالِ
ياسليمان إن تلاقِ الثريا تلقَ عيش الخلود قبل الهلال.
أما عمر ابن أبي ربيعه وأخباره في الحج وعشيقاته.