عنوان المقال مقتبس من عنوان حملة مباركة وموفقة اطللقتها الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والحديث عن الخوارج هو حديث عن ماضٍ مؤلمٍ ، وحاضر مظلمٍ ، أضاعت فيه هذه الفرقة المارقة دماء المسلمين واموالهم، وفرقت اجتماعهم وزعزعت أمنهم واستقرارهم ، وصرفت جهود ولاة ألأمور إلى التصدي لشرورهم ودفع خطرهم، وإخماد نار فتنتهم ، وهكذا هو ديدن أهل البدع قديماً وحديثاً ؛ يستنفذون طاقات الأمة ومقدراتها ، ويهدرونها عملياً في مواجهتهم والتصدي لهم وحفظ أمن المجتمع مما يحدثونه من تخريب وإرهاب ، وعلمياً في إشغال العلماء بالردود عليهم ودحر شبههم ، وحفظ عقول أبناء المسلمين مما يحدثونة من لوثة فكرية وعقدية .

وفرقة الخوارج من الفرق التي تمثل حركة ثورية قديمة في تاريخ الإسلام السياسي، ولازالت ترتع في مجتمعات المسلمين ، ونجد لها أنصارًا وأتباعًا يتأثرون بفكرها ومنهجها ، ويتضح ذلك في سفك الدماء والتفجيرات والاغتيالات، والخروج على ولاة أمور المسلمين ، وممارسة الشحن والتهييج بغرض الصدام بين أبناء الأمة الواحدة ، والتحزب على غير منهج السلف، والتغلغل في مؤسسات الوطن ومحاولة اختراق أمنه، وتعليمه واقتصاده، ومؤسساته بشتى أنواعها، ولخطورة منهجهم وخبث غاياتهم ودناءة مكرهم وكيدهم؛ فإنه يجب على مؤسسات الوطن أن تواجه هذا الخطر بشتى الوسائل وأن تبذل الجهد في حماية أمن المجتمع وفكره وثقافته ، وهذا ما تقوم به مشكورة الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ تولي معالي أ. د : عبدالرحمن السند زمام قيادتها ؛ فالمتتبع لأعمالها يجد أنها اعتنت عناية فائقة بهذا الجانب ، وقدمت مبادرات رائدة ومتميزة، وملتقيات ومؤتمرات علمية وعملية ناجحة ومثمرة ، ساهمت بشكل ملفت في ثقيف المجتمع وحمايته من الأفكار المنحرفة والهدامة، وبيان حقوق الوطن وولاة أمره ، ووجوب السمع والطاعة ولزوم جماعة المسلمين ، ووجوب الإلتزام بالبيعة ولوازمها ، ومن الملتقيات المهمة التي نظمتها الرئاسة العامة للهيئة ، وكان لها الأثر البالغ في حماية أمن المجتمع الفكري ملتقى : ( الإنتماء واللحمة الوطنية ) وقد نظمته الرئاسة مشكورة في جميع مناطق المملكة، وكذلك ( المؤتمر الوطني لمنهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودور المملكة العربية السعودية في تعزيزه ) الذي يقرر منهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وينبذ منهج الخوارج الذي يمارسه المنتمون إلى هذا الفكر الضال، ويبين دور المملكة العربية السعودية الرائد في تعزيز شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق سماحة الإسلام ووسطيته واعتدال منهجه ، دون غلوٍ أو تنطع أو تجاوز على حريات الآخرين وحقوقهم المادية والمنعوية .

وامتداداً لهذا العقد الجميل من المبادرات الفريدة أطلقت الرئاسة العامة حملة بعنوان : #الخوارج_شرار_الخلق . دشنها معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلاً : ( إن من أعظم الواجبات على جميع المكلفين اجتماع الكلمة ووحدة الصف والسمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف ، لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بالسمع والطاعة ... ) وقد اشار معاليه في معرض حديثه إلى أن الجماعة التي خرج من رحمها التحزب والغلو والتطرف هي جماعة الإخوان المسلمين . 

ولا شك أن جماعة الإخوان هي مصدر الإرهاب ومنبع التطرف والغلو ، ولها امتدادات في جميع الأقطار ؛ يتغلغل أتباعها من أرباب الصحوة والسرورية سراً إلى عقول أبناء الوطن ليمارسوا بخبث منقطع النظير التحريض ضد الوطن وولاة أمره، ومنهم من يظهر الولاء ويبطن الخروج ، مما يجعل الكثير يقع ضحية منهجهم المتلون .

إن هذا العمل المؤسسي والعلمي الذي تقدمه الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل جبار ومثمر ومميز ، ساهم في حماية فكر المجتمع ، ورفع درجة الوعي لدى أبناء الوطن ، وقرر منهج الحق ، ودحر الشبهات الباطلة التي يطلقها المتطرفون، وينادي بها الحزبيون ، وجعل الرئاسة منارة علم ومعرفة تعزز الأمن بشتى أنواعه ، وتقرر المنهج الحق ، وتحارب كل فكر ومنهج ملوث يريد أن يفتك بأمن وطننا واستقراره ولحمة أبنائه .

فشكراً لرئيسها الذي اضطلع بالواجب الذي كلف الله به أهل العلم أن يبلغوا دين الله عز وجل ، وينفوا عنه خبث المغالين والمتنطعين والمنافقين والكائدين ، وشكراً للمخلصين من أبنائها ومنسوبيها الذين يعملون على القيام بواجبهم الوطني وينكرون كل عمل يفرق كلمة المسلمين ويشق صفهم ويمزق وحدتهم. 

د/علي الزويكي