يُحكي أن أحد الملوك طلب من الحائك أن يخيط له ثوبا لم يلبسه من قبل ملك من الملوك وإلا قطع عنقه.
فخاف الحائك المسكين وهداه تفكيره إلى حيله جهنمية حيث طلب من الملك مهلة، وأحضر صبيانه وطلب منهم أن يشيعوا في المدينة أنهم يعملون ليلا نهارًا في حياكة ثوب الملك، وبعد عدة شهور طلب الحائك من الملك أن يحضر ليقيس الثوب عليه ، و كان الحائك قد أجتمع بالوزراء من قبل وأفهمهم أن ثوب الملك شفاف ولا يراه إلا من له بصيره نافذة.
وطلب من صبيانه أن يطيعوه طاعة عمياء أثناء قياس الملك للثوب ولا ينطقون إلا بمثل كلامه، فان قال رائع يقولون تحفة ماهذا الجمال.
وبالفعل حضر الملك ليقيس الثوب الذي لم يلبسه من قبل ملك قبله ،طلب الحائك من الملك أن يخلع كل ثيابه ليلبس الثوب الجديد وبالفعل خلع الملك ثيابه.
أمسك الحائك طرف الهواء وطلب من صبيه ان يمسك طرف الهواء المقابل وكأنها أطراف الثوب،نفذ الصبي كلام معلمه الحائك وهو مندهش، وظل الحائك يمسك الهواء كأنه اطراف ثوب ويمثل أنه يلبسه للملك وهو يقول لصبيانه: “هل رأيتم أنعم من هذا القماش، والصبيان يرددون انه مذهل أنه أنعم من الهواء وأرق من النسيم، ثم قال الحائك للملك العاري الآن وقد لبست ثوبك المذهل، تستطيع أن تخرج علي وزرائك .
خرج الملك مسرورًا وإذا بالوزراء يرون الملك يخرج عليهم عاريا ولكن رئيس الوزراء تذكر قول الحاائك أنه لن يري الثوب إلا من عنده نفاذ بصيرة فصرخ قائلا:
ما أجمل هذا الثوب وما أروعه وبالطبع توالت صرخات الإعجاب من الوزراء، وسار الملك العاري ووراءه الوزراء يتبارون في مدح الثوب ورأي عامه الشعب الملك العاري ولكنهم عندما سمعوا حديث الوزراء عن الثوب الرائع قالوا وهل نحن نفهم أو نرى أكثر من الوزراء! وبالتالي انضموا هم أيضاً للنازحين في ثوب الملك العاري إلى أن مر موكب الملك أمام طفل فصرخ قائلا انظروا إن الملك يسير عاريا !
وحين نقف عند هذه القصة والتي ضربت لنا مثال رائع مع هذه الظاهرة والآفة الاجتماعية الخطيرة ألا وهي آفة (النفاق) حيث أصبح البعض وهم قلة من مُديري العلاقات العامة لدى بعض الإدارات الحكومية يستخدمون هذهِ الآفة الخطيرة من أجل مصالحهم الشخصية ويتقربون بها لدى مدرائهم من أجل تحقيق كل أهدافهم على حساب زملائهم في العمل للأسف الشديد.
وهذا ماجعلني أقف عبر مقال اليوم عند هذا الموضوع الهام بعد ماشاهدت بأم عيني نقاق بعض مديرو أقسام العلاقات العامة والذين جعلوا من هذه الآفة الخطيرة نمط لهم مع جميع زملائهم في العمل من أجل الوصول إلى مبتغاهم وبفعلهم هذا غيروا الأهداف الأساسية لهذا القسم الهام.
بل إننا حين نفتش وندقق في بعض الإدارات وعن مُديري أقسام العلاقات العامة فسوف نجد مايجعل (الرأس شيبًا) وسوف نجد أن وصولهم لهذا القسم الهام ورئاسته لم يكن عن طريق خبراتهم أوشهاداتهم في العلاقات العامة والإعلام أو حسب الضوابط والشروط التي يعرفها الجميع، بل كانت بالنفاق والخداع والمكر والدجل على حساب زملائهم الأكثر منهم خبرة .
وهنا أرجع وأقول لابد أن يكون كل مُديرو العلاقات العامة من أصحاب القيم الأخلاقية ومن أصحاب الخبرة وأن يحملو الشهادات في العلاقات العامة والإعلام في هذه القسم الهام وحتى نكن منصفين هناك فئة من هؤلاء المديرون يستحقون منا كل الشكر والتقدير .
من المؤسف والمخجل في نفس الوقت أن البعض منهم وهم قلة في هذا القسم يحملون شهادات(التملق والنفاق) ويتخفون تحت قناعات الأسلوب اللطيف والمهذب مع زملائهم في العمل وهم للأسف الشديد تجدهم حين نسلط عليهم المجاهر الدقيقة، أنهم من وراء الأبواب يحيكون الدسائس والمؤامرات والفتن، من أجل الوصول إلى أهدافهم، وتجدهم أيضاً في نفس الوقت يتظاهرون بالطيبة والأخلاق وبمحاولة إصلاح الأمور وكل هذا من أجل كسب رضى مدرائهم وتمتعهم بما خططوا له وحاكوا له ونسجوا خيوطهم لمدرائهم الذين أكلوا الطعم منهم بهذا النفاق وهذا التملق، من ترقيات ، ومديح وقربة و صحبة وفوزهم بالتجديد لهم لأعوام قادمة.
وياخوفي أن يحصل لمدرائهم مثل ماحصل لهذا الملك في هذه المدينة مالم يصححوا هذه الأقسام في علاقاتهم العامة من كل من إتصف منهم بصفة النفاق والتملق، وإلا فإن الدور قادم عليكم لامحالة وقد أعذر من أنذر !
ودمتم سالمين