إبراهيم خضر
شيخوخة داهمت المجتمع الأخضر قبل سنوات وأرّقت حالنا، وقد فعل سلمان بن عبدالعزيز ما استطاع لحلّها ونجح بفضل من الله، وأصبح محمد بن سلمان عيون وطن تلفح المستقبل بنظرة شغف أموية، وخلفها جيش عربي من القلوب وليس سعودي حصرًا ..
كانت مشكلة الشعور بضياع البوصلة والتبدد في المجهول تؤرق أمة، ثم حدث لنا محمد بن سلمان، سأتحدث هنا عن هذا الرجل وزير الدفاع والهجوم للمملكة العربية السعودية وللعرب والمسلمين.
ما يميز هذه الذكرى بالتحديد عن ذكرى أي عام لليوم الوطني السعودي، أنها تملك تشابه جميلة، هنا ٩١ عام، وهناك كانت دولة بنو أمية التي حكمت ٩١ عام والشيء بالشيء يذكر، كان بنو أمية أخر حكام وراثيين عرب لهذه الأرض ومقدساتها، أخر من حكمها لمدة ٩١ عامًا بين فترات ازدهار وعدل وفترات فِتن وحروب، وهنا محمد بن سلمان من قاد انتفاضة لدحض الإرهاب عن الالتصاق بسمعة هذا الدين الاسلامي الرحيم، يترأس قمة لتحالف أكثر من ٤٠ دولة مسلمة، في وقت يسيل فيه لعاب الفرس عطشًا للدم العربي والمسلم، وقت يسكت فيه الغرب المتشدق بالسلام عن قصف مكة، وهناك محمد بن أمية الأموي من قاد انتفاضة المورسكيين الأندلسيين بعد سقوط الأندلس، وبدأ جمع الحديث النبوي في حكم بني أمية في وقت تكالبت فيه المكائد على بنو أمية والمسلمين كافة من الغرب والفرس وأذنابهم.
وبعد مرور ٩١ عام من حكم دولة سعودية عربية مسلمة، سنقف من أجل دولة أموية عربية مسلمة حكمت أيضًا ٩١ عام، إن بنو أمية هم الذين عرَّبوا الدواوين، هم الذين سكوا العملة الإسلامية، هم بناة أول أسطول إسلامي في التاريخ، ونقَّط عبد الملك بن مروان الأموي القرآن، ووصلت الخلافة الإسلامية في عهد الوليد بن عبد الملك الأموي إلى أكبر اتساع لها في تاريخ الإسلام، فكان الأذان في عهد بني أمية يُرفع في جبال الهملايا في الصين، وفي أدغال أفريقيا السوداء، وفي أحراش الهند، وعند حصون القسطنطينية، وعند أبواب باريس، وفي مرتفعات البرتغال، وعلى شواطئ بحر الظلمات، وعند سهول جورجيا، وعند سواحل قبرص، ترفرف على قلاع تلك البلدان راياتٌ بيضاء مكتوب عليها " لا إله إلّا اللَّه، محمدٌ رسول اللَّه " تلك رايات بني أمية يحملها اليوم آل سعود، فجزاكم اللَّه كل خير يا آل أمية بن حرب لما قدمتموه للإسلام.
ولا أحسب أنني الآن في حاجة لكي أوضح سبب التشويه الضخم الذي يتعرض له تاريخ هذه العائلة البطلة بعد كل ما قدموه للإسلام، فعهد بني أمية هو العهد الذي ظهرت به الدولة الإسلامية بكل ملامحها، وهو العهد الذي جمعت فيه أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا شكك غزاة التاريخ في ذمة هذه العائلة المجاهدة، فعندها تكون أحاديث محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- التي بين أيدينا كلها باطلة، ويكون هذا الإسلام الذي بين أيدينا إسلامًا مزيفًا، وعندها نكون أنا وأنت بلا قيمة، وعندها نكون أنا وأنت بلا كيان.
٩١ عام وللأبد بإذن الله ونحن المملكة العربية السعودية دائمًا سنبقى العزوة و "أصحاب الأوله" لكل عربي ومسلم وانسان مسالم، نحن المملكة العربية السعودية دائمًا سنبقى مثل ذلك المبنى الضخم ناصع البياض، لكل مراهق سياسي يأتي حاملًا بخاخ ألوان، فيكتب على أسوارنا البيضاء ما يشاء من تُرّهات وخيالات أبطالها رسوم متحركة لا تعيش إلا في عقلة، كفاكم غباء، لن يسقط سور ببخاخ ألوان، ولن يزول مجد حيّ يتنفس بأخلاق الإسلام كل يوم.
كذلك الشيء بالشيء يُذكر، أحتقر أي عربي جاهل بالفتن التي قصفت وما زالت تقصف لُب الأمة الإسلامية، المتعجل بجهل الذي يشتم العرب بحالهم اليوم ويُردد قائلًا "العرب متأخرين شوف الغرب وين وصلو"، أقول له أقراء في التاريخ وأنظر حولك في الحاضر وقارن بعقلانية، ثم سترى أن العرب والمسلمين أمة منكوبة، أمة تعرضت لنكبات كثيرة في مئات السنين المنصرمة، وتعرضت للتنكيل تحديدًا بكل بقعة جغرافية يسكنها العرب، منذ سقوط الدولة الأموية بالخيانات المجوسية وهي الدولة الوحيدة التي سقطت في أوجّها، ثم خليفة عباسي يحكم يومًا واحدًا ويُقتل، ثم مجد أموي آخر لمئات السنين في الأندلس وبعدها سفك دماء وتطهير عرقي للمسلمين في كل بقاع أوربا، ثم الايوبيين ومجد معركة حطين ثم حملات صليبية قطّعت الخارطة الإسلامية، ثم دول ودول حتى دولة المماليك والنكبة الهمجية المغولية وتكالُب الفرنجة، ثم دولة عثمانية كان ضرها أكثر من نفعها، بدأت بشعارات إسلامية وانتهت بحتلال للعالم العربي ونهب وحملات "سفر برلك" لتهجير السكان الأصليين، إلى تحريم نسخ وطباعة الكتب العربية وقتل من يحاول نشر العِلم والدين الصحيح، في وقت صَنعت فيه الآلة الطابعة ثورة ثقافية في أوربا، فتجاوزت أوربا العرب والمسلمين بعِلم وحضارة أسسناها نحن في الأندلس سلفًا، ثم دخل كلاب الغرب إلينا عبر الهوان والضعف والجهل الذي خلّفته لنا الدولة العثمانية بعد سقوطها، ثم الاحتلال الصهيوني للقدس وقهر المسلمين، ثم الثورة الخمينية الصفوية وحرب وقف العرب فيها خلف العراق سنوات لقمع تمددها نحونا، ثم نكبة حرب الخليج وغزو الكويت التي طعن فيها الأخ أخاه ثم ندم على ذلك، ولكن كان الندم في وقت متأخر جدًا، كان الثمن انفلات أمني وتمدد فارسي مجوسي في العالم العربي، فسقطت بمكائدهم وتخريبهم عدة عواصم وعقول عربية، يا من علمت بكل هذا ولا زلت ترى أن العرب متأخرين عن الغرب، على الأقل لعلك عرفت الآن من تسبب في التأخر الذي تتشدق به، لعلك بدأت تدرك وترى هذا الاستنزاف بعدم الإستقرار الذي يضرب به أعدائنا نزعتنا وسعينا الدؤوب للإستقرار، أجزِم أنه لو تعرّض أي عِرق آخر للذي تعرضنا له نحن العرب لما تبقى منهم كروموسوم واحد.
سؤال/ أليس دوام الحال من المحال؟
بالتأكيد دوام الحال من المحال، وقال سبحانه في ذلك (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، إذًا من سُنن الحياة العلو والهبوط، لك أن تخبرني أين كان الغرب عندما كنا نحن العرب نرتع لأكثر من ٧٠٠ عام في الأندلس، نُربي القوة خلف أسوار الحمراء، ونُرتِّب الحضارة للعالم بأسرِه على أرفف مكتبات قرطبة، لعلمك وقتها كان عظمائك الغرب يطعنون ببعضهم في حال يكاد يشبه ما به العرب اليوم، وبسبب ما حدث لنا أين الغرب الآن، هم في مصاف أولى العالم، فتمنى للعرب العودة للمقدمة ولا تسبهم بالتأخر يا أيها الجاهل، ولعلمك ولعلم كل من يسب المسلمين بالقدس، القضية الملتهبه المُشتطه في الشارع العربي اليوم، التي يمر من تحت دُشِها القذِر ليتنظف، وما ينظف إلا في عيون الإمّعات، لعلمك سبق وأن ذهب بيت المقدس لمئات السنين ثم أعاده صلاح الدين للمسلمين، ولم يمر على ذهابه للصهاينة حتى الآن سوى ٧٠ عام وسيعود وسيعود وسيعود.
كل هذا التاريخ من المجد والنكبات ملفات على طاولة الأمير محمد بن سلمان، وفي وجدانه العربي أيضًا، الرجل الذي وقف وزيرًا للدفاع عن أخر حصون ومعاقل الإسلام مكة والمدينة، وأيضًا وقف وزيرًا للهجوم على من يقصفهما ا
تويتر واستجرام: ibrahim_kider@