غاليه نعمة الله
الأوضاع الداخليه في السودان تزداد بكل حزن وأسف تفاقما والتهابا.
لن أتحدث هنا عن مسببات هذا الوضع المتأزم ، ولا عمن أوصل السودان إليه ، فلهذا حديث آخر .
ولكني أتحدث الآن عن بعد آخر لهذه التطورات يرتبط بمصر وعلاقاتها الخاصة بالسودان .
فالسودان يمثل لمصر العمق الإستراتيجي الرئيسي ،
كما أن روابط التاريخ والجغرافيا أضفت علي علاقاتنا بالأشقاء في السودان حساسية خاصة .
وهذه الحساسية أضفت بدورها الكثير من التعقيدات والصعوبات علي عملية إدارة العلاقات المصرية السودانية منذ انفصال شطري الوادي وحتي الآن .
تتهم قطاعات معتبرة من الأشقاء في السودان الحكومات المصرية المتعاقبة بالتدخل في شئونهم الداخلية ، وتنظر بريبة إلي كل جهد مصري يستهدف تطوير العلاقات الثنائية وتحقيق التكامل بين البلدين .
بل أن بعض الأشقاء يتهمون الآن مصر والإمارات بدعم الفريق البرهان والمكون العسكري لمجلس القيادة علي حساب المكون المدني . وهو ما يتعارض مع موقف مصر المعلن ومنذ سنوات والذي ينأي عن التدخل في الشان الداخلي للأشقاء في السودان .
وقد نُسِب أمس للدكتوره مريم المهدي وزيرة الخارجية السودانية قولها أنها تواصلت مع وزراء خارجية الكثير من الدول ( ومن بينهم مصر ) ، وأنها تلقت مواقفهم إزاء ما يدور في السودان الآن عدا مصر .
كما أن مجلس الأمن والدول الكبري قد أعلنت مواقفها بكل وضوح والتي ترفض في مجملها - عدا روسيا وعدد قليل من الدول - ما قام به الرئيس البرهان .
ويلقي هذا الوضع بمختلف إشكالياته المزيد من الضغوط علي مصر .
خاصة وأن نبض الشارع السوداني يتجه الآن إلي مسارات تبدو متعارضة مع رؤيتنا وإدارتنا لملف العلاقات المصرية السودانية ، وهو الملف الأكثر أهمية .
وقد لا أبالغ إذا قلت أن خطورته تتجاوز خطورة ملف العلاقات المصرية الإثيوبية.
فبقدر التناغم والإنسجام المصري السوداني بقدر ما سيكون عليه نجاحنا في إدارة ملف سد النهضة وقضايا المياه وأمور أخري هامة للغاية .
علينا أن نضع أعيننا أيضا وأن نتابع بكل جدية الأوضاع بين شرق السودان القريب من منطقة سد النهضة وبين الحكومة المركزيه في الخرطوم .
وأن نتابع الأيادي الإثيوبية والإسرائيلية وغيرها والتي تعبث هناك ، والتي ستؤثر في تحديد مدي تفاعل أبناء شرق السودان مع التطورات الجارية التي أتوقع أن تبلغ أولي ذرواتها بعد غد ٣٠ أكتوبر الجاري .
أسأل الله أن يلهم أُولي أمرنا المزيد من وضوح الرؤية والنظرة بعيدة المدي والاستفادة من تجارب الماضي القريب والحكمة في إتخاذ القرار المناسب مضمونا وتوقيتا