مدهش هذا المعلم الذي أصبح رمز السلام والطمأنينة في كل الأزمنة والأمكنة، هذا الذي جنّد نفسه لحمل مشعل النور في كل الأوقات، ليصبح العالم أكثر طمأنينة وسلاما.
إننا ومهما بحثنا فلن نجد أحداً أكثر جدارة من المعلم بهذه الرمزية السامية، فهو قد جعل من نفسه حامل لواء التصحيح لأخطاء البشرية، وانحرافاتها الكبرى، منذ العهود الأولى لتواجدها على هذا الكوكب الموبوء بكل هذا النزق البشري، وهذا الجهل المطبق في حياتنا التي تسير في أكثر أوقاتها بالاتجاه المعاكس للسلام، والعدالة، والإنسانية.
من نافلة القول أن البشرية كانت تعترف بما لهذا "الرسول" من قيمة عبر توالي الأزمنة، ولكنها أرادت ومن خلال الإشارة إلى عقارب الساعة عند دخول الثواني الأولى من الخامس من أكتوبر كل عام أن تعترف جهراً وبصورة جماعية عالمية بما له من فضل، ليكون هذا اليوم بثوانيه ودقائقه، وساعاته ولحظاته، شاهداً على مسيرة عظمى دشّن فيها هذا الرمز قيمة الحياة، وجلال النور، ونعمة السلام على كل البسيطة، دون أن يدعي لنفسه شيء، ودون أن يكون طرفا في معادلة لاتليق به عالما ومعلما، مدركا ماللحياة من قيمة ربانية، وفرص متساوية لجميع البشر في كل مايدعم استقرار الإنسان وتقدمه وطمأنينته وسلامه.
إننا اليوم ونحن نعبر لحظات الخامس من أكتوبر ستحضر تلك القوة التي تغلغلت في روح ذلك الإنسان وهو ينقش الأمل في الأرواح والعقول في كل البيئات الموغلة في الصعوبة، مزروعا بين الجياع، ومتواجدا في ساحات الحروب، وملهما لكل اليائسين، ومستعيدا لطاقة الحياة، التي يحاول الكثيرون مصادرتها بقصد وبغير قصد، ولعلنا في هذا التوقيت وتحديدا في آخر هذا العام 2025 الذي تسير فيه البشرية على حد حافة بين احتمالين أضعفهما السلام وأقربهما الحرب والطغيان، أحوج مانكون لحكمة العلم والعلماء ليعيدوا توجيه بوصلة الحياة نحو مرافئ الأمان، وليرسخوا شعور اليقين في وجدان البشرية المثقلة بكل ماليس نبيل.
إن هذا اليوم يأتي لِيُعرِّف المعرّف، وليؤكد المؤكد أن الحياة وصفة ربانية جليلة أصيلة تستحق العيش الكريم المتكافئ الفرص، وأن خير من يجعل هذه البشرية في حال من الجاهزية القصوى لذلك هو المعلم بكل ماله من حضور في الأرواح والعقول، وبكل ما انطوت عليه نفسه من كريم خصال وسمو قيم وفعال.
إننا كل يوم نستودع خير مافينا ليكون بين يدي ذلك الصانع الخبير، ليعيد تشكيل تلك الأفئدة الغضة، ارتقاء بها وتساميا عن كل عادي أو عابر، وخلال ذلك أيضا نستودع جميع الأزمنة بماضيها وحاضرها ومستقبلها لتكون الطمأنينة هي الوسيلة والغاية في بناء أوطاننا، والارتقاء بها نحو كل فضيلة، لنستحق خلافة الله في هذه الأرض التي ذلَّلَها وهيأها لعيش الإنسانية بكل قوة وتمكين، وقد كان للمعلم النصيب الأوفر والقدح المعلى في تحقيق كل ذلك.
ختاما نقول شكرا لكل الذين حفظوا عهد الله في أنفسهم وأوطانهم، شكرا لكل المعلمين الذين تقدموا عندما أحجم غيرهم ليكونوا رواد الهداية ومشاعل النور للحياة والأحياء.
شكرا لك أيها العلم المعلم في كل الأزمنة، فقد كنت ومازلت عروة الحياة الوثقى وصمام أمانها الأجمل