جمال بنت عبدالله السعدي
عرفت المدينة المنورة الصحافة قبل نشأة الدولة السعودية ، ولكن لم يكن لها أي دور في تكوين الوعي الفكري والتوجه الأدبي، بل كانت مقتصرة على الموضوعات السياسية ،ولعل اهم الصحف في تلك الحقبة كانت صحيفة المدينة المنورة ( الأولى) ١٩٠٩م – ١٣٢٨ هجرية و بذات الفترة صحيفة الرقيب وصحيفة الحجاز ١٣٣٤ هجرية والتي كان يديرها الاستاذ حمزة بن ابراهيم غوث ، و مع انها شملت الى جانب السياسة ميادين الأدب والاقتصاد والاجتماع ولكن طغت السياسة على باقي الميادين.
وفي بدايات العهد السعودي وبعدما تشكلت الدولة بمفهومها الحديث ،من حيث الاستقرار و إنشاء المؤسسات والمنتديات الأدبية ، شهدت الصحافة نقلة كبيرة من خلال إصدار صحيفة المدينة المنورة ( الثانية) وقد صدر أول عدد لها بتاريخ ٢٦ محرم ١٣٥٦ هجرية-١٩٣٧ م. وترأس تحريرها السيد أمين مدني (١٣٢٨-١٤٠٤) ثم عثمان حافظ، وكان الاهتمام بالأدب من أهم الأهداف التي حرصت عليها الصحيفة.
استنهض عثمان حافظ همم المفكرين والأدباء السعوديين للكتابة في هذه الصحيفة خدمة للبلاد المقدسة ولنهضتها، كما شجع كل صاحب قلم عربي ومسلم له رأي سديد وقلم قيم، يهتم بمصلحة الوطن وهمومه لتحقيق المنفعة العامة . كما كانت ترعى النشاط الفكري وتنشر المحاضرات التي تقدم في أندية المدينة .
وفي هذا عبَّر عنها الشاعر المدني ضياءالدين رجب بقوله:
نريدها أدبا نضرا يعز به
أبناء يعرب والفيحاء والحرم
ونرتجيها رسولا للثقافة بيضاء ناصعة
تفيض بالصدق والإخلاص والحكم
احتفى أدباء المدينة المنورة بصدور صحيفة تحمل اسم مدينتهم وتعكس الوعي الثقافي، فيها وتنشر كتاباتهم وتستوعب اهتماماتهم ،وتحقق التواصل مع أقاليم الوطن ومناطقه .
٢- مجلة المنهل /
وهي أول مجلة سعودية متخصصة تعنى بالأدب وقضاياه ، أنشأها الاستاذ عبد القدوس الأنصاري وصدر العدد الأول بشهر ذي الحجة ١٣٥٥ هجرية – ١٩٣٧ م.
وكانت تستهدف أن تكون فاتحة عصر جديد في الأدب الحجازي ،ويعيد مكانة البلاد الأدبية بين البلاد العربية ، فوجدت رواجا كبيرا وحظيت بمكانة عالية يين أدباء العالم العربي، حتى غدت أهم مجلة أدبية تصدر في الحجاز. . ولعبت دورا كبيرا في تتمية الوعي بفن القصة – أشار بهذا الدكتور معحب الزهراني في أحد ابحاثه حين قال –
“فباتت مرجعا رئيسا للباحثين في فنون الأدب.”
وفي إحصائية لما نشرته المجلة حتى عام ١٤١٠ هجرية ١٩٨٩ م. قامت بنشر (٦٥٦) مقالة ودراسة أدبية ونقدية (٤٢٠) نصا شعريا و(٢٦٠) نصا قصصيا
و(٢٢) نصا مسرحيا الى جانب الموضوعات المختلفة.
وهنا يشير الكاتب الى أن صحيفة المدينة المنورة ومجلة المنهل قد لعبتا دورا كبيرا في خدمة الأدب السعودي وفتح مجالات الكتابة والتعبير للأدباء ، والعناية بانتاجهم ،والتعريف بمؤلفاتهم، ورصد الحراك الأدبي والثقافي وإبراز مظاهره، عدا عن الحوارات الأدبية و مواكبة الفعاليات الثقافية ضمن النسيج الأدبي الوطني ، ويشير إلى أن هذين الإصدارين انتقلا للصدور في مدينة جدة فيما بعد ويظل للمدينة المنورة فخر تأسيسهما واطلاقهما لفضاءات الأدب.
٣- الدوريات العلمية والملاحق الأدبية ومنها:
– ملحق التراث: (١٣٩٥-١٤٢٣ هجرية موافق ١٩٧٥-٢٠٠٢ م ) ، بإشراف د. محمد يعقوب تركستاني ، و عني بالتراث اللغوي والأدبي ويصدر اسبوعيا ضمن صفحات جريدة المدينة المنورة . وله اهتمام خاص بأدباء المدينة المنورة و آدابهم .
– العقيق: (١٤١٢ هجرية- ١٩٩١ م ) وهو ملف أدبي أسسه وأشرف عليه الأديب الراحل محمد العيد الخطراوي ، وعني بنشر الأبحاث والمقالات اللغوية والأدبية والتاريخية الى جانب القصص والقصائد و مراجعات الكتب ، ولا يزال يصدر حتى اليوم.
– الآطام: صدر أول عدد لها في محرم ١٤١٩هجرية موافق ١٩٩٨ م. وكان وراء إصدارها من أول اهتمامات مجلس إدارة النادي الأدبي بالمدينة المنورة .
– مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة : صدر أول عدد منها في شهر صفر ١٤٢٣ هجربة موافق ٢٠٠٢ م .وهي مجلة فصلية محكمة تعنى بنشر البحوث التاريخية والجغرافية والأدبية والاجتماعية عن المدينة المنورة .
وكان لهذه الإصدارات إسهاما كبيرا في دعم الحركة العلمية والأدبية بالمدينة المنورة ، وتنشيط حركة النشر للأدباء والمثقفين والتعريف بنتاجهم مع اختلاف الأثر تبعا للفترات الزمنية ومستوى الحراك الأدبي فيها. وما تحدثه المؤثرات المختلفة والأوضاع السائدة من آثار على الحركة الأدبية مع تعدد وسائل التواصل والنشر ونظم الاتصال.