د. منى البليهد
خلال حضوري للمؤتمر الدولي تقويم التعليم المقام في الرياض ، وتعدد ورش التدريب والندوات لتنمية مهارات المستقبل ، خطر في ذاكرتي ما كان يتناوله والدي رحمه الله عن مسألتين سمعها شخصيا من جده الشيخ عبدالله بن بليهد، رئيس القضاة في منطقة الحجاز 1344هـ ، رحمه الله.
مؤتمر الرياض (1927) هو مؤتمر دعا إليه الملك عبدالعزيز آل سعود بعد أن بدأت بوادر تمرد الإخوان عليه في مؤتمر الارطاوية وكان الجدل حول البرقية وتحريمها من أهم مواضيع هذا المؤتمر ، وقد قوبلت البرقية بمعارضة شديدة من بعض فئات المجتمع، واعتبروها والسيارات من وسائل الشيطان .
وبعد كفاح صعب لما كانت بعض الفئات تحرمها ، ومن ذلك ما ذكره حافظ وهبه أنهم يؤمنون أن الجن هو ما يحرك اللاسلكي ، وأنها تعمل بواسطة الشياطين .
وقد تم تأسيس أول برقية في المملكة في منطقة الحجاز ، كما تم إنشاء مديرية البرق والبريد والهاتف في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز عام 1345هـ .حيث كان للبرقية دور كبير في تأسيس المملكة العربية السعودية ،
أكمل الملك عبدالعزيز غفر الله له ، توسعه في تعامله مع التقنيات الحديثة لكن هناك من العلماء من وقف موقفاً علميا أفحم به كل من أنكر التقنيات وحرمها .
من تلك القصص التي يسردها علينا والدي رحمه الله أن جده الشيخ والملك عبدالعزيز، وكان للشيخ حظوة كبيره عند الإخوان ، فذكر لهم بالحجة القاطعة وكانت البرقية تصدر حركة وصوتاْ أمامهم، فاتفق معهم أنه إذا قام بقطع السلك واستمرت البرقية بالعمل فبالتأكيد انه شيطان يحركها، وإذا توقفت فهي صناعة وعلم .
أما السيارة فكان الشيخ بن بليهد ـ رحمه الله ـ من الأوائل الذين شقوا الطرق الصحراوية الأولى بين مدن المملكة وأول سيارة تجولت في صحارى نجد ، ” في عام 1345هـ قام الشيخ عبدالله بن بليهد رئيس القضاة في الحجاز برحلة في جزيرة العرب بسيارته من طراز فورد، من مكة إلى جدة فالمدينة المنورة ثم حائل فالقصيم ، وعاد من تلك الطريق حتى بلغ مكة وقد استطاع للمرة الأولى أن يقطع المفاوز والوديان “
هذه الرحلة للتأكيد أن استخدام السيارة جائز بدليل استخدامها من الشيخ نفسه ، وكان آنذاك لا ترى فيه السيارات لدرجة أن هناك من ذكر لي أنه عندما كان صغيرا ، قدم العلف للسيارة الأولى التي رآها في حياته يظن أنها دابة .
المؤسس الملك عبدالعزيز ورجاله الأوفياء ، كانوا يخطون الطرق بمهارة وتوكل ، كالطير تغدو بحوصلة جوفى ، لترجع خماصا ، طريق مشبع بنقطة الانطلاق .
و مع توحيد المملكة العربية السعودية الذي جابهه المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز ، كان أمامه تغيير أصعب ، ومواجهه جذور الجهل بالدين والخرافات ، وتأكيد العلم ودوره في نهوض الأمم.
تلك الشجاعة المحاطة بالفكر والتروي والاقناع والصبر ، تكاتف الولاة مع رجال الدين ، كانت البرقية ورقة رابحة ليس فقط بأهميتها في معرفة أخبار المناطق، بل تجاوزت ذلك لتؤكد التحدي الذي يجري في عروق ولاة أمرنا ، لحضارة يرمقها العالم باحترام .
البرقية انتهت ، لكن بريقها لا يزال يسطع لدولة مزدهرة تتفتح كل يوم أمامنا ، بشوق وفأل وفخر … رؤية عشرين ثلاثين .
التعليقات 1
1 ping
ام مصعب
22/12/2018 في 7:31 م[3] رابط التعليق
رحم الله الاثنين فالملك عبد العزيز وطد بقوة ملكه اسس مملكته وجدي الشيخ عبد الله دعم ذلك شرعا
فالله بدا رسالة نبينا محمد بأقرأ فاذا اجتمعت القوة الماديه والعلم والإخلاص فلنبشر بتقدم