عزيزي القارىء ، رمضان في مصر له نكهة خاصة ، ومصر في رمضان لها نكهة خاصة ، وفي السطور التالية أسوق بين أيديكم بعضًا من مشاهد احتفاء المصريين بشهر رمضان الفضيل .
المشهد الأول : مرحب شهر الصوم مرحب … حيث يبدأ المصريون في الاستعداد لقدوم شهر رمضان منذ منتصف شهر شعبان أو قبل ذلك ، فترى المحلات التجارية تعرض البضائع الخاصة بشهر رمضان ، مثل أنواع التمور والزبيب والمشمش المجفف والتين المجفف وقمر الدين وغير ذلك من ألوان الأطعمة التي تميز المائدة الرمضانية ، كما تتزين واجهات المنازل وشرفاتها بفوانيس رمضان متنوعة الأشكال والألوان ويتم تعليق أشكال مختلفة من الزينات في الشوارع وعلى واجهات المنازل .
المشهد الثاني : رمضان جانا ، أهلًا رمضان … بعد غروب يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان ، تقوم المراصد الفلكية والجهات المعنية باستطلاع رؤية هلال شهر رمضان ، ويقام لذلك احتفال تنقله وسائل الإعلام ويحضره شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ولفيف من كبار الشخصيات ، وإذا تم الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان ، يفرح الناس فرحًا كبيرًا … ” رمضان جه يا ولااااد ” … ويبدأون في قيام أول ليلة من ليالي الشهر الفضيل وكذلك يفكرون في الترتيب لوجبة سحور أول يوم منه .
المشهد الثالث : مائدة السحور … يهتم المصريون بوجبة السحور للحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وللاستعداد لصيام نهار رمضان وللتأهب لصلاة الفجر ، وغالبًا ما تكون وجبة السحور وجبة خفيفة ، ولكنها في الغالب لا تخلو من طبق الفول اللذيذ ، إلى جانب السلطة الخضراء ، والزبادي ، مع بعض ألوان الطعام الأخرى ومشروبات رمضان اللذيذة .
المشهد الرابع : صلاة الفجر ، ما أحلاها … صلاة الفجر في رمضان لها رونق مختلف ، تشعر بروحانيات جميلة تسكن جسدك ، تشعرك بسلام داخلي وصفاء ذهني ، ويكثر عدد الناس في صلاة الفجر عن المعتاد ، فتشعر بالبهجة ، وتشعر حقًّا بفضل شهر رمضان ومدى تأثيره على معدل الإيمان لدى المسلمين ، بعد صلاة الفجر يتصافح الناس ويهنئون بعضهم البعض ، ومنهم من يمكث في المسجد لقراءة القرآن ومنهم من يرجع إلى بيته لينال قسطًا من النوم قبل الذهاب إلى العمل .
المشهد الخامس : الصّيام جُنّة … يبدأ الناس في حركة حياتهم في أول يوم من أيام الصيام ، وتشعر بحدوث تغيّر في سلوكيات الناس ، حيث يميلون إلى الحلم والعفو والكلام بالتي هى أحسن ، ويُذكّر بعضهم بعضًا بضرورة التحلي بأخلاق الصيام ” فلا يرفث ولا يصخب ” .
المشهد السادس : الشيخ رفعت ، حبيب الملايين … قبل غروب شمس اليوم الأول من شهر رمضان بحوالي ساعة ، تذيع الإذاعة المصرية ” قرآن المغرب ” ، وقد اعتاد المصريون على سماع صوت القارىء الشيخ محمد رفعت ، رحمه الله ، في أول يوم من أيام شهر رمضان ، فصوته يأخذك إلى عالم من سحر البيان ، ويأخذك إلى رمضان في زمن الطيبين .
المشهد السابع : مائدة الإفطار … بعد غروب الشمس ” ينطلق مدفع الإفطار ” ويُرفع أذان المغرب ، فيصلي الناس المغرب ، ثم يتوجهون إلى مائدة الإفطار والتي تتلون بألوان المأكولات والمشروبات المختلفة ، وذلك من باب التوسيع على النفس والأهل ، وذلك أمر محمود طالما كان بعيدًا عن الإسراف والتبذير .
المشهد الثامن : موائد الرحمن … حيث يتسابق أهل الخير في بذل المعروف ويبسطون موائد واسعة في الميادين والساحات ، تسمى موائد الرحمن ، لإفطار الفقراء والمساكين والمحتاجين ، وموائد الرحمن تتميز بألوان الطعام التي لا تقل عن مثيلاتها في البيوت بل تفضلها أحيانا ، ” بارك الله في المحسنين ” .
المشهد التاسع : قيام الليل … يُرفع أذان العشاء في وقته (حيث لا يوجد فاصل زمني واسع بين صلاتي المغرب والعشاء كما في بعض البلدان العربية) فيتوجه الناس لأداء صلاة العشاء ، ثم صلاة قيام الليل (التراويح) ، ويتوافد الرجال والنساء والشباب والفتيات والأطفال على بيوت الله ، لإحياء ليالي رمضان بقيام الليل ، وصلاة التراويح تتميز بروحانيات جميلة ، حيث يتقابل المصلون ويصل بعضهم بعضا ، ويتبادلون التهاني مبتهجين بالشهر الفضيل .
المشهد العاشر : الشعراوي ، فارس التفسير … في كل ليلة من ليالي شهر رمضان تذيع ” إذاعة القرآن الكريم من القاهرة ” خواطر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي حول آيات القرآن الكريم ، وذلك قبل موعد السحور بحوالي ساعة ، فيستمتع الناس بسماع آيات القرآن وبتفسير الشعراوي لها بطريقة سهلة ميسرة .
المشهد الحادي عشر : تم البدر بدري … عندما ينتصف شهر رمضان ، ويكتمل البدر في كبد السماء ، يشعر الناس بقرب انتهاء الشهر الفضيل ، فيجدّون في إدراك ما فاتهم من عبادات ، وفي الأسبوع الأخير من شهر رمضان يبدأ المصريون في الاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك ، فيصنعون ألوان المخبوزات والحلوى الخاصة بالعيد ، مثل ” الكحك ” وهو يشبه ” المعمول ” في بعض البلدان العربية ، وكذلك ” البسكويت ” ، وألوان أخرى من الأطعمة التي تميز عيد الفطر .
وفي الختام ، عزيزي القارىء ، يحتفي المصريون بشهر رمضان ، احتفاءً يجعله مميزًا بين شهور السنة ، وذلك من تعظيم شعائر الله ، قال الله تعالى (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) سورة الحج ، وبذلك يترك الشهر الفضيل أثرًا بالغًا في القلوب والنفوس … بس كدا … حياكم الله .
ملحوظة : الكلمات العامية ، أسوقها من قبيل المرح والفكاهة ، ولا أراعي فيها قواعد العربية الفصحى .