د : ربيع حسين
خلال مسيرة الحياة نواجه العديد من المواقف والتحديات والتجارب المؤلمة مثل تجارب الفقد والخيانة والخداع والمرض وغيرها ، مما يؤدي إلى ترسيب الشعور بالخوف في العقل اللاواعي لدى كل منا ، هذا الشعور الدفين يظهر كلما تعرضنا لمثيرات الخوف ، أي عندما يتعرض أحدنا لمواقف مماثلة أو مشابهة لتلك التي رسبت الشعور بالخوف لديه .
ومن أمثلة ذلك عندما يود شخص فحص عينة دمه ويتم وخذ إبهامه “بالإبرة” ويشعر بالألم من ذلك الوخذ ، يقوم العقل اللاواعي بتخزين تلك التجربة ، وعندما يتعرض نفس الشخص لمثير مماثل ، أي عندما يتعرض مرة أخرى لوخذ “الإبرة” يقوم العقل اللاواعي باسترجاع الشعور بالألم ، فتظهر على الشخص مظاهر الخوف ، وقد تكون هذه المظاهر غير متوقعة من مثله ، فنرى مثلا شخصا فارع الطول ، عريض المنكبين ، قد أخذ يفرك كفيه ، يتقدم خطوة ويتأخر أخرى ، وقد يتعرق ويحمر وجهه ، والموضوع كله مجرد “شكة إبرة”
وقد يصاب البعض بنوبات خوف شديد “نوبات هلع” لمجرد رؤية صرصور أو فأر أو ضفدعة ، أو عند ركوب الطائرة ، أو عند ركوب المصعد أو في الأماكن الضيقة أو الأماكن الفسيحة أو في الأماكن المرتفعة أو عند مواجهة الجمهور ، وغير ذلك من المواقف التي تظهر فيها أعراض الخوف “الرهاب” .
إن وجود مثل هذه المخاوف في حياتنا يحد من أنشطتنا الفردية والإجتماعية “life limitations” ويؤدى إلى شخص “خواف” محاط بالرهاب ، مما يؤثر سلبا على حياة الفرد وعلى سلامة المجتمع .
وللعمل على مواجهة المخاوف ومقاومتها والتخلص منها ، لابد لنا من التعرف على أنواع المخاوف وتصنيفها بوضوح لفهم طرق التعامل معها ، وتنقسم المخاوف في عمومها إلى قسمين :
المخاوف الحقيقية : وهى مسببات الخوف التي تشكل تهديدا حقيقيا للإنسان ، مثل الأمراض الخطيرة ، التعرض لحادث سير ، مواجهة حيوان مفترس أو حيوان سام حتى لو صغر حجمه “مثل العقارب والعناكب السامة” ، التعرض لحريق أو الصعق بتيار كهربائي ، إنذار بالفصل من عملك ، أو غير ذلك من الأسباب التي يمكن أن تسبب ضررا حقيقيا لكل منا .
المخاوف الوهمية : وهى مسببات الخوف التي لا يمكن أن تشكل تهديدا حقيقيا للإنسان ، مثل الصرصور ، الوزغ “البرص” ، الطائرة ، المصعد “الأسانسير” ، توبيخ من معلمك يريد به أن تلتزم بدروسك ، وغير ذلك من الأسباب التي لا يمكن أن تسبب ضررا حقيقيا لكل منا .
ولذلك أدعوك عزيزي القارئ إلى تصنيف المخاوف من حولك ، حتى تتعامل مع كل عنصر بقدره ولا تكبر الأمور عن حجمها المناسب “لا تصنع من الحبة قبة” ، مما يقلص من دائرة الخوف حولك ويؤي إلى شعورك بالأمان أكثر فأكثر .
عزيزي القاريء ، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، كلما واجهت مخاوفك ، كلما صغرت وتلاشت ، بينما كلما هربت من مواجهتها ، كلما كبرت وتعاظمت .