وائل سعود العتيبي
الجماهير هي فكرة متكرّرة في كلّ خطاب، وهي هاجس كلّ مشروع اجتماعي، وهذا يجعلنا نتسأل هل مهرجان سينما البحر الأحمر جماهيري.
ستنطلق النسخة الأولى من المهرجان بأبعاد إقليمية ودولية ، وكما نعلم ان السينما هي وجبات فكرية حسية بصرية سمعية ، ولقد كان الكاتب والمفكر (طه حسين) يحرض المثقفين والكتَّاب ، على الاهتمام بالسينما كوسيلة لانتشار الأفكار، فهي أفضل من أي وسيلة تقليدية أخرى، كالمسرح والأدب والشعر ،
و اعلم ان للفن لغة عالمية و التنوع الثقافي “تراثا مشتركاً للإنسانية” وتذوق الجمال والفن فعل انساني ، ومايسعد فلان الأوربي ربما هو مايسعد الإفريقي او الآسيوي ..
لكن استعجبت من اعلان مهرجان البحر الأحمر السينمائي ، وفكرة تصفيات المشاريع وبرنامج الحضانة المكثف لخمسة اشهر و التي يمكن أن يضيف لفكرة فيلمك ..
هل هي كفيلة بصنع فيلم يحوز على رضا جدتي وخالتي وابنتي واخي ، يرون فيه أنفسهم ويلامس قضايهم ويتحدث عنهم وعن مشاعرهم وعن مشاكلهم وليس فيلما متأمرك بممثلين سعوديين لن يشبهني ولن يعجب الاخر .
فغالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم
سيفقد الفيلم هويته الثقافية الخاصة . ويجعلها سيناريوهات لا قيمة فنيّة لها،فهي ليست ذاتية الصناعة ،ولم تصنع من أجل التعبير عن نفسك أو عن مجموعتك ، ولا هي سينما تقوم على وعي اصيل يرصد واقعنا الإنساني والثقافي ،و لم تنتج بعقول تستطيع ان تحلل نمط العلاقات وتكشف عن معنى حياة الفرد وسط العلاقات في هذا المجتمع …
ان الثقافة (هي جميع السمات الروحية والفكرية والقومية التي تميز جماعة عن أخرى، وهي شاملة لطرائق الحياة والتفكير والتقاليد والمعتقدات والآداب والقيم والبعد التاريخي باعتباره عامل جوهري في مفهوم الثقافة).
هل يستطيع هؤلاء الشباب في هذة المسابقة مع من في المهرجان ان يخرجو بفيلم يعبر ثقافيا عن أبعاد أصيلة.. او قيم وطنية او ثقافية ..
فهذه الورش في أمريكا اسهل فهي تعبر عن القيم والثقافة الأمريكية ولم تدخل فيها الذائقة العربية أو الأوربية او الاسيوية.
(تخيل ان تأتي بمحكمين من فرنسا وأمريكا وكل بقاع العالم
ليحكمون على طبختك المحلية ، للمطازيز والمرقوق والسليق او اي أكلات شعبية سعودية وتطلب منهم الحكم على جودتها بمعاييرهم وثقافتهم .. فربما الهندي يريدها حراقة والايطالي يرغب في أن تكون شبه اللازانيا، والفرنسي يرغب عليها المزيد من الصوص ، كيف تستطيع أن تحتفظ بهويتها بعد ذلك ،الفيلم ليس سلطة يضيف عليها كل المتذوقون مايعجبهم من اضافات..والفيلم ليس فقط تكنيك وتصوير وتمثيل بل فكر وأحاسيس وهذا الاهم .
يعني هذه السيناريوهات وضيوف المهرجان والمتسابقين في حضانتهم فقط لخلق جو ساحر ،يوحي بالاهتمام وعمل الواجب مع صناع الافلام لكن في واقع الحال هي عقبة لإنتاج جيد حقيقي وتشويه حقيقي .
يعني تخيل لو أتيت بمخرجين عباقرة مجانين امثال يوسف شاهين او الايطالي فيليني وطلبت من أحدهم أوكلاهما ان يتنكر لعرض فكرة فيلم داخل المهرجان ماذا سيواجه ..
لا اطالب بالانغلاق والانعزال، فالسينما السعودية صنعت للانفتاح والانتشار ولا بد من أن تمتص خبرات السينما الجديدة على مستوى العالم كله وان تعطيها الصيغة الدرامية المُلائمة، وعليها ان تبحث في كل ما لديها من أدوات تعبير عن لغة سينمائية جديدة تعبر عن الأوضاع الجديدة…
وايضا لا اطالب بالاستثناء الثقافي على الطريقة الفرنسية والتي ترغب في الدفاع عن الهوية ، ومع هذا نجد برنامج المهرجان يسمى “الموجة العربية الجديدة “وفلسفة المهرجان التطوير العضوي ،ورعاية الأصوات الأصيلة ،وتشجيع الأنماط السينمائيةالحديثةوالجائزة ستكون بالدولار الأمريكي .
هل توقف احد مثلي عند عبارة ” التطوير العضوي” .
التعليقات 1
1 ping
Abdulaziz
05/07/2019 في 12:55 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع جدا شكرًا لك