![صالح الخبراني صالح الخبراني](https://www.ajel-news24.net/wp-content/uploads/2019/07/0FF7A273-9C8F-41E4-95C9-0A2105342F21-400x241.jpeg)
فيصل بن غالب
جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة ذهبت في تعريف نفسها عبر مؤسسها حسن البنا إلي ابتداع الطريقة التي أخرجتهم عن المذهب الصحيح (حركة سنية صوفية وسطية سياسية اجتماعية رياضية…الخ التعريف) مبتدئة ذلك بمعارضة الأزهر الذي مثل المذهب السني لعقود من الزمن في مصر وماحولها ، لبست هذه الجماعة عباءة دينية استطاع البنا أن يطرزها بظاهر الاسلام الجهادي تارة والوسطي تارة أخرى (والذي قام علي انقاض سقوط الخلافة) وأن يبطنها بعقائد أقل ماتكون مخرجة من الملة الصحيحة .
استطاع البنا أن ينجح في تنظيمها تنظيماً متماسكاً استمد قوته من ظروف ذلك العصر وحقب الإستعمار الظالمة التي ساعدته بخلق التعاطف الشعبي بقوه آنذاك ،ولايخلوا الحديث ايضاً عن تعاون استخباراتي اجنبي ، ثم ظهرت تلك الجماعة قوية بمبادئ سيد قطب الذي وضع لها المبادئ والأهداف المعلنة والسرية في عصر غلب عليه حكم العسكر وظروف الحروب العربية والعالمية الشائكة والتيارات الناشئة على إثرها قومية كانت أم شيوعية ،رأسماليه ،علمانيه ،ليبرالية ، اعتنقت هذه الجماعة العمل السري الذي يغلب عليه مظهر الدعوة الفكرية تارة ودعوات الجهاد المسلح تارة لتحكيم الشريعة واسترجاع الخلافة المزعومه بمبادئ مسمومه .
ككل الحركات الدينيه المعاصره استطاعت كسب التعاطف فتغلغلت شعبياً وجماهرياً أقصي مايعرف عنهم هو أنها جماعةً إسلاميه محاربه من أعداء الدين وذلك أقصى مايعرف عنها حتى من كوادرها المتكاثرين تعاطفاً آنذاك ، عملت هذه الجماعه عبر ثمانين عاما بمراحل تنظيميه محكمه كمرحلة الدعوه ثم الانتشار ثم التمكين ثم الخلافه ولايفوت الذكر هنا أن الدعوه كانت للجماعه أكثر وليست لنشر الدين وتصحيح العقيده ، نحجو في المرحلتين الأولى والثانيه ، وفي فصل قريب صنعه و أسماه اعداء الأمه بالربيع العربي استطاعت الجماعه بقيادييها وخبرتها وتنظيمها بالقفز علي ثورات الشعوب المطالبه بحقوقها وحريتها وثرواتها وعدالتها الاجتماعيه .
قفزت علي الثوره متسلحة بشعارات عاطفيه تحمل مطالب الشعب ومدعومة من قوى عالميه مستفيده كانت أم إقليميه ناشزه وهي القوى التي أرادت منهم ما أرادت من ضمانات وتنازلات لم يحصلوا عليها من النظم السابقه كأنما أرادت من جهة أخرى أن تثبت أن الحركات الدينيه السياسيه ستفشل لكي تطوي كل تعاطف شعبي مع الحكومات الاسلاميه عموماً ، فتذهب الشعوب مستقبلا للاحتقان المشروع على الحكم المشروع .
استطاعت الجماعه حكم الدوله في بعض الدول بانتخابات ظاهرها شرعياً وباطنها حركياً بامتياز ولكنها بعد ذلك حكمت الدوله بفكر الجماعه فكرست الموارد العامه والخاصه داخلية كانت أم خارجيه لمرحلة التمكين المرحليه تنظيمياً في فترة حرجه أحوج ماتكون عليه للاجتماع والبناء فترة كانت الشعوب بحاجة إلي فكر سياسي ناضج يعي ظروف المرحلة ويديرها بفكر الدولة الحديثه .
كانت الأخطاء تتوالى من حكومة المرشد والجماعه التي تفتقر للسياسه تماماًحتى سقطوا سياسياً من الداخل ثم مالبثوا أن سقطوا سياسياً من الخارج في تخبط مشهود بإدارة ملفات إقليميه وعربيه غلبت عليها أيدولوجية الجماعه التي لم تلبث أن تكشف بعضاً من بنودها السريه المعاديه لدول الخليج وملوكها الذين لايمثلون في عقيدتهم إلا طواغيتاً كافرين .
كشفت أقنعتها في وقت أحوج ماتكون عليه الجماعه سياسياً في تلك الاثناء للدعم الاقليمي المادي والسياسي مامثل غباءاً سياسياً بامتياز وكأن الله جعل تدميرهم من تدبيرهم .
في مصر مثلاًحكموا مصر مايقارب العام قدموا فيه من التنازلات لاسرائيل وايران والغرب مالم يتجرأ عليه العسكر والعلمانيون عقودا من الزمن ، كل تلك التنازلات يسمونها في عرفهم بالوسائل المشروعه للوصول للهدف الاهم وهو الخلافه المزعومه التي لطالما تعاطف وحلم بها المسلمون البسطاء في علمهم .
سقطوا من الداخل على يد حركات شبابيه شعبيه استطاع العسكر والسياسيين من اعتلائها اعتلاءاً مشروعاً بنفس العرف الحركي ولكن لهدف سامي يدعو للوحده والوطنيه وأسمى من هدفهم المزعوم ، اعتلاها العسكر لإرجاع مصر إلي الحضن العربي والدور الإقليمي الفعال الذي يمثل الأمن الاستراتيجي الداخلي من جهه والأمن الأقليمي من جهة اخرى يستطيع الساسه من خلاله تحقيق العداله الاجتماعيه في مجتمع مختلف المشارب والتيارات والملل
ومتفق بالاجماع على اعتماد مبدأ التآخي والتعاضد مع المحور الإقليميي والعربي .
سقطت الجماعة بامتياز كنتيجة متوقعة من أقرب الداعمين لهم غربياً ،اسقطوا معهم داعماً عربيا بامتياز كان من اكثر الأدوات دعماً وتأثيراً !!حيث كان سقوطه بمثابة كسر الجناح لطير يحاول التحليق في بدء طيرانه كما كان سقوطه بمثابة الرساله الواضحه التي تعبر عن الانذار النهائي من قوى المجابهه الإقليميه للمنهج المخالف والمعادي .
سقطت الجماعة فأسقطت خلايا وجماعات ومكونات تابعه لفكرها وتنظيمها وكأن سقوطهم زلزالاً ارتدت ضرباته اقليمياً لتشمل جماعات ودول سقطوا ونُزعوا وكأن الطبيب أراد انتزاع الورم قبل تفشيه في أعضاء الجسد وأياً كان الطبيب .. جهة ..أم فريقاً فالمصلحة في انتزاع الورم ، وكأننا الآن نعيش في مصر والوطن آثار هذه العملية الجراحيه التي يعقبها علاجاً كيماوياً قد ينهك الجسد فتره ثم يتماثل للشفاء باذن الله العليم القدير .
ايضاً لايفوتنا فكرياً أن لا نجعل الاسلام والحكم الاسلامي حكراً لهذه الجماعه التي عادت لنقطه البدايه عودةً مشينه فلايزال الاسلام قوياً بمنهجه الصحيح وابناءه الواعين المتفكرين بظروف المرحله وحقائق الجماعات الضاله .
ايضاً لايفوتنا في هذه المرحله أن نعلم أن حكم العسكر في مصر حتي وان لم تصح التسميه هم الأفضل بمراحل من حكم جماعة الإخوان حتى وإن كان ظاهرها دينيا فباطنها عدائياً غلب على ظاهرها مبكراً .
خلاصة ما أريد توضيحه :
أن ماحدث في مصر حدثاً تاريخياً تصحيحياً سيعيدها للطريق الصحيح حتى وإن لبس عباءه العسكر كما يزعمون ، وإن زوال حكم الجماعه حقيقةً لايمكن إنكارها وإن التعاطف معها سيكون من جهتين احداها مؤمنة بأفكارها البدعية والأخرى حالمة بعودة الخلافه بحلم برئ .