غازي الفقيه
الكاتب المديني الصحفي فهد عامرالأحمدي كاتب اختط لنفسه منهجاً معلوماتياً بعيداً عن الإنشائية يثري به موضوعاته الصحفية فاستحق المتابعة والإشادة من قرائه. ولا أدعي أنني من متابعيه على الدوام.! ولكن لفتني مؤخراً ما اطلعت عليه في مقال له عن بيع الفلسطينيين لأراضيهم لليهود قبل قيام دولة الكيان الصهيوني إسرائيل (1948) وبعد احتلالها لماتبقى من فلسطين في (1967) !
ودهشت مما ساقه من اتهامات مصدرها مذكرات في كتاب لصهيوني سمسار أراضي لمؤلفه يوسف نحماني على عهد الاحتلال و الانتداب البريطانيين لفلسطين (1918______1948 ) واتخاذه ذلك الكتاب مصدراً وثق به وبنى عليه في إلحاق التهمة ليس بعوام وبسطاء عرب فلسطين فقط بل بقادة الحركة الوطنية والنضال الفلسطيني على عهد الانتداب البريطاتي الذين قادوا حركة المقاومة للمحتل البريطاني وربيبه الكيان الصهيوني المولود تحت معطفه وسجل التاريخ ثوراتهم المجيدة في 1920 و1929 و1936 و 1948 متجاهلاً الحياد العلمي المطلوب في قضية كهذه ومن كاتب متمرس مثله !
ولن أخوض في دواعي ومسببات استحضار هذا الموضوع وفزاعة التنابذ الشديد بين بعض نشطاء البغضاء والكراهية عبر الإعلام المرئي والمكتوب والإعلام الحديث من بعض عرب فلسطين والشام عموماً تجاه بلادنا في أيامنا هذه حسداً من عند أنفسهم وارتزاقاً لجهات معلومة ولا تخفى على ذي لب ، وبعض من تصدى لهم بالحق أو بضده من بني جلدتنا ولعل ماكتبه الأحمدي في جزئه الأول يأتي استحضاره في هذا السياق !
وبعيداً عن صحة ذلك من عدمه ، ألم يكن من الأولى على الأحمدي أن يضع في حسبانه ويتذكر أن فلسطين كانت محكومة عثمانياً وليست إقليما مستقلاً بهوية فلسطينية معترف بها حتى احتلال البريطاتيين لها 1918.؟ وأن احتلالها كان ثمرة لاتفاقية سايكس بيكو1916 وتصريح آرثر بلفوروزيرخارجية بريطانيا في 2 نوفمبر 1917 لجعلها وطناً قومياً لليهود !
ثم ألا يعلم بتأسيس نواة الوكالة اليهودية على العهد العثماني 1908 وهدفها الرئيس شراء الأراضي وتشجيع الهجرة الصهيونية إلى فلسطين والتي نص عليها صك الانتداب البريطاتي 1921 ؟! وبودي أن أسال الأحمدي ماجنسية ذلك السمسار وسيط بيع الفلسطينيين لأراضيهم؟ أليس بريطانيا ؟
وهل يعلم الأحمدي بالإجراءت الظالمة والضرائب الباهظة التي فرضتها حكومة الانتداب على الفلاحين الفلسطينيين منذ عهد المندوب السامي الصهيوني الأول هربرت صموئيل؟! وهي الإجراءت التي أدت إلى إفقار الفلاحين واضطرارهم لبيع فدادينهم للشركات البريطانية الصهيونية من الباطن للأيفاء بالتزاماتهم لها ولحياتهم !
وهل يعلم أن الكثير من الأسر غير الفلسطينية وأغلبها مسيحية من لبنان وسوريا وغيرهما مهاجرة ولا تسكن في فلسطين كانت لها اراضٍ في فلسطين منذ العهد العثماني وبارتفاع أسعار الأراضي قامت ببيع ممتلكاتها .وهذا موثق ومعروف ؟!
ثم لا يخفى علي الأحمدي أن من الفلسطينيين من هم على الديانة اليهودية وإن كانوا عرباً وهم من يٌطلق عليهم الصهاينة مسمى(سفارديم) أي اليهود الشرقيين ومن الطبيعي أن يمتهن هؤلاء بيع أراضيهم استثماراً وحباً في جمع المال كما هو ديدن بني يهود !
ولأن الأحمدي قد جاء على ذكر أسماء من كانوا قادة للحركة الوطنية الذين قاوموا نشاط الوكالة اليهودية المتدثرة برداء الانتداب البريطاني وخصوصاً في مجال شراء الأراضي وتمكين المهاجرين اليهود الصهاينة منها زراعياً في قرى سميت(الموشاف) وعلى قدر جهود هؤلاء القادة الذين أخذوا على عاتقهم توعية الفلاحين بالاجتماعات والمؤتمرات المتعددة وبإصدار الفتاوى الدينية التي حرمت في بعضها دفن من مات وقد باع أرضه لليهود في مقابر المسلمين ، فهل يُصدق أنهم قد باعوا أراضيهم لليهود ؟!
ماسقناه ليس دفاعاً عمن باع أرضه لمحتل غاشم أو كان ضحية استبداد وجهل بمآرب المشترين .ولكن من أجل الإنصاف لمن طالتهم تهمة فضفاضة وبقلم صهيوني اسمه يوسف نحماني ، وكبا بها قلم الأحمدي !
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط. ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بماتعملون ) سورة المائدة آية 8