حواس العبيدان
التوجيه الذي صدر من سمو ولي العهد حفظه الله لرئيس هيئة مكافحة الفساد قبل أيام، باتخاذ إجراءات صارمة ومعاقبة كل من تسول له نفسه من موظفي الدولة ممارسة الفساد الإداري أو المالي يعد أيقونة بداية العمل الجاد للمرحلة الجديدة لتصفية المؤسسات الحكومية من الرؤوس الصغيرة العابثة بأنظمة مؤسسات الدولة وتعطيلها لصالح منافعهم الشخصية.
الجدير بالذكر أن توجيه ولي العهد جاء شديد اللهجة على حد ما ذكره معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد. وأن هناك مرحلة قادمة تستهدف صغار الموظفين والقيادات المتوسطة ممن يُثبت تورطه في عمليات فساد مالية وادارية والعمل على إستئصال إي سلوكيات وتصرفات يُشتبه في ممارستها للفساد أياً كان نوعها. وأن المرحلة القادمة تتطلب العمل بشفافية متناهية مع كل من يسئ العمل أو يمارس الفساد او يعطل مصالح المواطنين. وإننا كمواطنين نشيد بهذا التوجيه الكريم لما له من مردود إيجابي على حياة أولئك الذين يعملون بجد واخلاص ورفع من معنوياتهم، وفي نفس الوقت تحذير للأخرين من مغبة إساءة استخدام السلطة للمصلحة الذاتية وأن العقاب الصارم سيكون مصيرهم في حال تورطهم بذلك لكبح جماحهم عن هذا السلوك المشين. وإن الفساد ليس كما يظن البعض في هدر المال العام أو إستغلال النفوذ القيادي فحسب ، بل يتعدى ذلك الى مسبباته من الإهمال الإداري والتسيب الوظيفي والتهاون في العمل والمحسوبيات في إدارة المؤسسة أو الهيئة الحكومية ومن ضمن ممارسات وسلوكيات الفساد إختيار شخصيات إدارية انتهازية ونفعية مبنية على علاقات مصلحية فيما بينها وبين قياداتها، أو تولي شخصيات إدارية ضعيفة للعمل غير قادرة على الإدارة أو القيادة من أجل السيطرة عليها وممارسة الفساد تحت مظلتها ، فهؤلاء يديرون العمل بأليات وحُزم أنظمة مبنية على المصلحة الشخصية أو بما يسمى ( شد لي واقطع لك ) إن جاز التعبير.
بالطبع ليس لهؤلاء هدف في تطوير العمل وإجراءاته أو النهوض بالموظفين والإرتقاء بهم أو محاربة الإهمال والتسيب والتهاون في الانضباط بالعمل، بل أن غايتهم الوحيدة هي كيفية الوصول لهذه المؤسسات ورغبتهم الجامحة في تصدر مشهد وجاهة العمل الحكومي وإستماتتهم في الظهور الإعلامي ومحاولة إستفادتهم القصوى قبل مغادرتهم لتلك المؤسسة أو المنشئة الحكومية. هؤلاء يعدون عقبة أمام المخلصين من أبناء هذا الوطن لتولي المهام القيادية. فهم يعلمون جيدا انه ليس بمقدورهم تطوير المنظومة أو العمل وفق انظمتها وأُطرها المنظمة لذلك. والأسوأ من هذا وذاك انهم يجيدون فقط اختيار شخصيات ضعيفة وذات كارزما باهتة بُغية مكوثهم طويلاً في التكليف القيادي والتغطية على عوراتهم الإدارية.
صحيح أنه قد يكون ليس لدى بعضهم شبهات فساد مالية وإدارية واضحة، لكن ضعف الإدارة يخلق إهمال وتسيب لصغار الموظفين وبالتالي عدم إكتراثهم بهؤلاء القياديين بسبب دورهم الضعيف في إدارة العمل، وإذا ما وضعنا ذلك في ميزان الربح والخسارة للعمل سنجد بالمحصلة النهائية أن هذا الإهمال والتسيب والتهاون في العمل يُعد الوجه الأخر للفساد المستتر تحت عباءة هؤلاء القياديين في عملية هدر الوقت والمال معاً جراء ممارستهم لهذا السلوك المسيء والتصرف الخاطيء.
إضافة الى ذلك محاولة إضاعة الفرصة على المخلصين من الموظفين المتميزين وإضعاف معنوياتهم بتهميشهم وتنحيتهم عن ممارسة دورهم القيادي، الأمر الذي يخلق إحباط لدى الكثير من هؤلاء المخلصين ومن ثم ابتعادهم عن العمل القيادي والإداري بسبب وجود تلك العاهات الإدارية التي تنظر الى نفسها بزهو انها وصلت لهذا التكليف او الوظيفة القيادية بكفائتها وهو ما يرفضه الواقع.
فيجب على المخلصين والشرفاء الوقوف بوجه هؤلاء وعدم ترك المجال لهم لتكليف وتنصيب أو تولي قيادة أو إدارة مؤسسة حكومية مبنية على المصلحة الشخصية البحتة.
وما يجدر ذكره إنه آن الآوان لكل وطني مخلص أن لا يترك المجال لهؤلاء العابثين ويجب العمل على ضوء توجيه ولي العهد حفظه الله للحد من إستشراء هذه النوعية من الموظفين الذين لا هم لهم سوى جيوبهم او وجاهة العمل الحكومي أو الإجتماعي دون تقديم أي مستوى من الخدمة أو تطوير وتحسين اداء أفرادها أو الإرتقاء بهم الى الأفضل.
ما نحن بحاجته اليوم هو أن نكون عوناً لبلدنا وقيادته الرشيدة والتي تدفع بمحاربة كل اشكال الفوضى والإهمال والتسيب وأن لدينا أمثلة حية بأن كثير من المؤسسات الحكومية قطعت شوطا كبيرا في التقدم والإنجاز في السنتين الماضيتين ، وهذا واقعٌ ملموس يدركة الجميع ولم تتقدم هذه المؤسسات لو لا أن هناك حس وطني عالِ المستوى ومسؤولية مهنية ذات همة وطنية عالية أدركت أن لا تقدم دون تطبيق الانظمة ومحاربة الإهمال وفوضوية العمل بكل صورها واشكالها. ويفترض على القيادات المتوسطة والصغيرة في المؤسسات والهيئات الحكومية أن تشاطر رؤية القيادة ٢٠٣٠ وتعمل على تسخير جميع الإمكانات لتواكب تطلعاتها وأن تكون عونا لها بما انها تخدم الوطن وأبناءه في المرحلة القادمة لتصنع منهم أجيال على قدر عالِ من المسؤولية المهنية والأمانة وبالتالي تنقلنا الى مصاف الدول المتقدمة إن شاء الله.
التعليقات 1
1 ping
محمد هزاع
05/09/2019 في 5:20 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل وواقعي يلامس الكثير من الوضع الحالي