وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم، إلى الرياض، قادما من إسطنبول، حيث رأس وفد المملكة في القمة الثالثة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، بعدما أنهى زيارة رسمية إلى أنقرة يوم 12 أبريل (نيسان) الحالي، وزيارة رسمية قبلها إلى مصر.
وتناولت الصحف ووسائل الإعلام العالمية زيارتي خادم الحرمين الشريفين باهتمام واسع؛ إذ عنونت شبكة “سي إن إن” بنسختها العربية تقريرا نشر اليوم، بـ”المنطقة تسير على إيقاع الملك سلمان”.
ووصف التقرير ملفات المنطقة بـ”المتسارعة” التي لا يمكن للمحللين إلا ربطها ببعضها بعضا.. وهي تسير على إيقاع خطوات الملك سلمان بن عبد العزيز، فمن تهدئة في اليمن إلى زيارة بالغة الأهمية إلى مصر، ومنها إلى تركيا لحضور القمة الإسلامية، وكل ذلك غير بعيد عن حدود سوريا الملتهبة التي لوحت الرياض بمواقف حازمة حيالها.
صحيفة “الغارديان” البريطانية عدّت الزيارة الملكية إلى تركيا مهمة لتطوير علاقة “البلدين القياديين”، وأشادت بالعمق المشترك الذي يتشاركه الزعيمان الملك سلمان بن عبد العزيز ورجب طيب إردوغان.
واعتبرت “صوت أمريكا” العلاقة الثنائية بين الدولتين “آخذة في الازدياد خلال الأعوام القريبة”، وقالت إن الدولتين تعدان من أكبر الدول الداعمة للمعارضة السورية المعتدلة، مما جعل هذا الموضوع من أول الاهتمامات، مضيفة أن كلتا الدولتين تعترف بالخطر الإيراني المحيق بالمنطقة، وهو أحد المحاور التي تتنبأ بأنه شغل حيزا من اللقاء.
وقال المحلل السياسي حمد الفايدي، في مقابلة مع “الإخبارية”: “إن الملك سلمان صمام أمان حقيقي، وأحدث تحولاً في المنطقة، مستشعرا ما كان يحاك حولها”، مضيفا أن الملك سلمان مرتكز أساس للاستقرار والأمان في العالمين العربي والإسلامي.
واستعرض الملك سلمان مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العلاقات الثنائية وسبل تنميتها وتعزيزها في شتى المجالات، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى مجمل الأوضاع في المنطقة، وفي مقدمتها إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وإنهاء الأزمة السورية، والتصدي للتدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
وبحضور الملك سلمان وإردوغان، وقعت المملكة وتركيا على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، اليوم. ويعنى المجلس بالتنسيق بين البلدين في 20 مجالا، أبرزها المجالان السياسي والدبلوماسي، إلى جانب مجالات الاقتصاد والتجارة والبنوك والمال والملاحة البحرية، فضلا عن الصناعة والطاقة والزراعة والثقافة والتربية والتكنولوجيا، إضافة إلى مجالات الصناعات العسكرية والأمن والإعلام والصحافة والتلفزيون والشؤون القنصلية.
ونشرت وكالة “شينخوا” الصينية تقريرا قالت فيه إن الزيارة الملكية جاءت لمناقشة عدد من القضايا الشاغلة للمجتمع الإقليمي والدولي، مشيدة بالتوافق في العديد من القضايا مثل القضية السورية، وتحدثت أيضا عن دور الزيارة لتقريب التعاون العسكري بين البلدين، وسبل إيقاف المد الإيراني في المنطقة، مؤكدة أن اللقاء سيعمل على تقوية الروابط التجارية بين البلدين.
وتحدثت صحيفة “ديلي باكستان” عن زيارة الملك إلى تركيا، واستعرضت الاستقبال المهيب الذي حظي به خادم الحرمين عند وصوله. كما تحدثت عن أهداف الزيارة، وأنها تأتي توطيدا للعلاقات الثنائية بين البلدين، وللحديث عن المشاغل التي تعصف بالإقليم.
وكانت جولة الملك سلمان بدأت بزيارة تاريخية إلى مصر يوم الخميس الماضي على رأس وفد رسمي. ووصفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية دور الملك سلمان في المنطقة بالقيادي لمبادرات التوحيد العربي لدحر المد الايراني للمنطقة، مضيفة أن الزيارة الملكية كانت مثمرة جدا، وأن العلاقة السعودية المصرية في ازدياد، وهناك توافق تام بين الرؤيتين في دحر الإرهاب في المنطقة.
الملك سلمان اجتمع خلال الزيارة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعقدت مباحثات توجت بـ17 اتفاقية بين البلدين، تضمنت إعلان إنشاء جسر يربط السعودية مع مصر بريا.
وتتفاءل مجلة “أطلس أوبسورا” الأمريكية بازدهار اقتصادي وسياحي بيني إثر بناء الجسر، وتقول إن الازدهار سيمتد إلى الدول العربية والأفريقية على نحو واسع.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة في السعودية ووزارة التعاون الدولي في مصر، لإنشاء منطقة اقتصادية حرة في شبه جزيرة سيناء، إلى جانب جملة مشاريع مثل إنشاء جامعة الملك سلمان في مدينة الطور، وبناء مجمعات سكنية، واتفاقية لتطوير مستشفى قصر العيني، وأخرى لتجنب الازدواج الضريبي بين البلدين، وتنمية الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، واتفاقيات في مجال الإسكان والطاقة.
وقالت قناة “فرانس 24” على موقعها باللغة الإنجليزية إن الدعم السخي المقدم من السعودية خالف بعض الأصوات القائلة باهتزاز العلاقات السعودية – المصرية.
وأكد السيسي أن “مصر أعادت جزيرتي تيران وصنافير للسعودية لأنهما مملوكتان لها وهذا حقها، وكان لزاما على مصر أن تعيد حقوق الأشقاء، ولم نخرج عن القرار الجمهوري الصادر في عام 1990 أي منذ 26 عاما، والذي تم إيداعه في الأمم المتحدة”.
وأهدى الرئيس المصري خادم الحرمين الشريفين قلادة النيل، أرفع وسام في مصر، كما منحت جامعة القاهرة خادم الحرمين الشريفين الدكتوراه الفخرية خلال زيارته للجامعة. وألقى خادم الحرمين الشريفين خطابا رسميا في البرلمان المصري كأول زعيم عربي يحضر جلسة للبرلمان المصري ويلقي خطابا فيه.
واستأنف الملك سلمان بن عبد العزيز جولته بزيارة رسمية إلى أنقرة، ومن ثم إسطنبول لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي، واختتم زيارته اليوم عائداً إلى الرياض.
وتتجه أنظار المراقبين بعد عودة الملك سلمان إلى نقاش ما ستحمله في الرياض أعمال القمة الخليجية – الأمريكية المزمع انعقادها في 21 أبريل الحالي. وكان عادل الجبير وزير الخارجية قال في تصريح سابق إنها ستكون القمة الثانية بعد الأولى التي عقدت بين زعماء دول «6+1» في كامب ديفيد.
ويقول مراقبون إن أبرز الملفات التي ستستعرضها القمة ستركز على مخرجات قمة كامب ديفيد، وما صرح به الجبير الأسبوع الماضي في المنامة، بشأن “الجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب والتطرف، فضلا عن التحديات في لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا، إلى جانب القضية الفلسطينية”.