محمد الدباسي
نتحدث كثيراً عن ظاهرة مشاهير السوشل ميديا ( التواصل الاجتماعي ) و كيف أنهم دخلوا منازلنا و تفاصيل حياتنا و أنهم أثروا تأثيراً كبيراً على سلوكيات أبنائنا و في طريقة تربيتنا لهم و كيف أنهم أصبحوا خطراً على المجتمع و أننا نحن من أشهرناهم بمتابعتنا لهم و أننا و أننا إلى غير تلك الكلمات و الجمل و الاتهامات و كأن هؤلاء المشاهير عدو محتل لمجتمعاتنا أو أنهم جاءوا من كوكب آخر و نسينا أن هؤلاء المشاهير هم منا بأسمائنا و عاداتنا و تقاليدنا .
هم جيراننا أو أبناء عمومتنا بل قد يكونون من إخواننا و أخواتنا و يعيشون معنا في نفس المنزل .
هم نحن !
نعم هم نحن بنفس الاهتمامات و بنفس الفكر لكنهم أصبحوا أكثر شهرةً منا فأصبحنا نتابعهم و لا يتابعوننا .
أصبحنا كذلك نشتمهم و لا يشتموننا ليس لرقي أخلاقهم و إن كان منهم من يملكها لكن حتى لا يخسروننا كجمهور يدر عليهم الأرباح بمتابعتنا لهم و هنا لنسأل أنفسنا طالما أنهم منا : أليسوا هم نتاج تربيتنا ؟
ألم يتخرجوا من نفس المجتمع الذي تخرجنا نحن منه و على ذلك هم يترجمون واقعنا ؟
ذلك الواقع الذي نعيشه جميعاً بكل تفاصيله و بمختلف اهتماماتنا الحسنة و السيئة تماماً كمختلف اهتماماتهم .
إنهم باختصار ترجمة لثقافة مجتمع نعيشه و أن ما يفعلونه هم يفعله أبنائنا و نفعله كذلك نحن لكن الفرق يكمن في أنهم يفعلون تلك الأمور أمام كاميرات الجوالات ليشاهدها العالم و نحن نفعلها تحت أسقف منازلنا و استراحاتنا و بين زملائنا في العمل بنفس الأكشن و درجة المزاح و الهياط .
إن هياطهم هو هياطنا و إن زادوا فيه قليلا فبسبب أنهم يملكون مالا أكثر بسبب مدخولاتهم الإعلانية و لو ملكنا نفس المال لفعلنا ما فعلوه بالضبط إلا ما رحم ربي و لست هنا مدافعاً عنهم أو لتبييض صفحاتهم فلهم أخطائهم و فساد ما يقدمه بعضهم لكن لنتحدث هنا بواقعية .
إن محاربتنا و محاولاتنا للقضاء على مشاهير السوشل ميديا و ما يقدمونه لن يكون بالطلب من أبنائنا إهمالهم و ترك مشاهدتهم أو حتى في إعراضنا نحن عنهم .. لا فهذا ليس الحل و لن يكون الحل فوجودهم سيستمر و ستستمر إغراءاتهم لنا بمشاهداتهم طالما تلك التطبيقات موجودة في هواتفنا و طالما وسائل التواصل تتطور لتنقل الواقع بسهولة أكثر .
إن القضاء على العادات السيئة عند مشاهير السوشل ميديا يكون بالقضاء على عادات سيئة موجودة في مجتمعاتنا .
بتغيير أنفسنا و مراجعاتنا لحساباتنا و اهتماماتنا و أهدافنا في الحياة و معرفة سر وجودنا فيها و عندها ستنقرض تلك العادات من مجتمعاتنا و بالتالي سينقرض كل تصرف سيء في السوشل ميديا لأن ما نراه في السوشل ميديا كما ذكرنا هو ترجمة لواقعنا و هذا لن يحدث لأن منا باختصار من لا يرغب بالتغيير و انقراض تلك المشاهد من حياتنا و بالتالي كيف لتلك المشاهد أن تنقرض من هواتفنا ؟
رئيس التطوير في اتحاد الكتاب و المثقفين العرب
maldubasi@gmail.com