مفيدة الضاوي
الأنا .. و الهو .. جدلية بشرية أخذت نطاقاً ضخماً تطورت معنا و تعدت مفهوم النشأة و الفطرة و الفلسفة .
تجازوت كل القوانين الكونية و الحياتية و البشرية ظلمت فيها الأنا كثيراً و ظلمت الأنا فيها الهو أكثر لكن تحت قانون الإنسانية وحده تسقط كل القوانين قواعداً و حكماً لتحيا فيها الأنا و الهو معاً بميثاق القيم العليا و المبادئ العظمى هنا نحن من نختار من يحكمنا لمن نرضخ ؟
و لمن نسبق الأولوية الأنا أو الهو ( أنا و أنت) ؟
قد تجبرنا فطرتنا لا إرادياً و تتمرد على هذه القيم لترفع الأنا و تتجاهل الهو لكن في النهاية أنت هو أنا و الهو الأنا نحن يجب من نحكم ذاتنا لنرتفع سويا باسم الإنسانية باسم المحبة و السلام .
علينا أن نتغاضى كثيراً عن نطق الأنا لتستنير ظلمة الهو الغريزية ألا يكفي أنها نشأت في جانب معتم لتكمل البشرية تكبيلها بقيود العقائد و الأديان و العنصرية و الكراهية و الحروب حتى جثمت الأنا آلهة لكل ذات و سحقت الهو في حضيض الأنانية و اللا مسؤولية .
جانب الهو دوماً حالكاً _شيء فطري_ إلا أن أبسط التضحيات و القيم تضيئ أعماقه.
فلأجل الإنسانية ( أنت و أنا و هو ) اخفضوا صوت الأنا فصداها يصم الإحساس و نطقها النرجسي يعمي القلوب عن الصفاء .
إبدأ النزول تدريجياً كما صعدت متغطرساً حتماً ستنزل معطاء و كلما ارتفعت بها أكحل جانب الهو سواداً داخلنا و دماراً وسطنا .
فسبق الهو لنرى نوراً إنسانياً نضيئ به ضباب التاريخ الوحشي ونصعد به سماوات طباقاً لعلنا نجد شعاع هذا الضياء سبقنا مع الأنا العليا .
مفيدة الضاوي
مؤلفة و كاتبة تونسية
مديرة مكتب اتحاد الكتاب و المثقفين العرب في تونس