عفاف منشي
أمُّ القرى، بكةْ، ومكّةُ، واديٌ
بلَدٌ أمينٌ.. في البَرايا تُشهَر
قدْرٌ، وحُبّ، واصطفاءٌ يعتلي
اختارها المولى لبيتِهِ تُذكَر
ياطيبَ ذكراها إذا ما لوّحت
حتى إذا ما جنّحت، هي زُهّرُ
أمُّ القرى، بكةْ، ومكّةُ، واديٌ
بلَدٌ أمينٌ.. في البَرايا تُشهَر
ماذا أقول؟ بحبّهاما أوصِفُ؟
وأنا الوليدةُ في حماها أكبر
اشتقتُ للأحضان فيها تُسفِر
عن ذكرَياتِ العُمر روْحاً يَعطُر
أطيافُهم، والماءُ فِضٌّ، نادر
وحَصاتُها فُرُشٌ تُصانُ، وعَبقَر
ياطيبها أرضُ النّبوّة، والطُّهُر
يامكّةَ الوَحْيين، حبُّكِ، يطهُر
ياأول الأطياف: أمي، وأبي
ولآخر الأنفاسِ أشدو، أذكُر
فإذا طويتُ فإنني أطوي الذي
لا ينطوي، في الرّوح مَدٌّ يعبُر
في القلب ذكراهم: مدائنُ خافقي
في العين سُكناهم مآثرُ تعمُر
رَحَماتُ ربي- مااستهلَّ حجيجُها
سُحُبٌ على قبريهما يتقطّر
ياأطيبَ الأرضِين، حتى أنجُمِك
لامثلَ غيرِكِ أنتِ عنها الأزهر
العامُ، كلَّ العامِ أنتِ لآليئُ
بمواسِم الأكوان أنتِ الأنضَر
بل دُرّةٌ، المسلمون مَحارُها
زُوّارُها من كل صوبٍ سُفَّرُ
ياربُّ وحدُك من يصونُ جلالَها
وجمالَها، حرَماً، مهيباً، يُبهِر
يا نجمةَ الأرضِ السّنيّةِ، كيف لا؟
وصفاءُ زمزمَ في بريقٍ يُبصَر
لِحمائمِكْ هَدَلٌ يميدُ بأضلُعي
تسبيحُهُ التّرتيلُ أمراً يغمُر
مازال طعمُ شِرابِها، وكؤوسِها
والرّيُّ في نَخَعٍ يمِيرُ، ويكثُر
ياربُّ لي بربوعِها، صحبٌ، ولي
تلكَ البيادِرُ، والمراتعُ.. تَخضُر
عبَقٌ بأرجاء الطفولةِ قد سرى
وعبيرُها الكادي، ومِسكٌ يُخبِر
لحجيجِها، ياربُّ في مِنَنٍ، وفضل
صيَّرْتَنا خدَماً-سنيناً.. نفخَر
بِمُناكِ يامكّة الأماني نُضِّدت
عرفاتُ قلبُكِ بالأماني يُبحِر
الذِّكْرُ في أرجاء مكّةَ مغنَمُ
ودعاءُ مُزدلِفةْ بصُبحِها يُسفِر
أيّامُ حَجٍّ، دثّرتْ إيمانَها
ولِباسُ تقوى بالقلوب تَسَتَّر
أبدآ تُرنِّمُكِ المشاعرُ مكّتي
أبدآ، وكلُّ مفاخري بكِ سُطَّر
ياربُّ فاحفظها المَليكَةَ للورى
أُمُّ القُرى للعالمين الكوثَر
وصلاةُ ربّي، والسّلامُ على النّبيّ
أنوارُهُ مِن غارِ مكةَ حُدَّرُ