
سطر موسم حج 1446هـ قصة نجاح جديدة في سجل المملكة العربية السعودية، عكست خلالها الدولة – قيادةً وشعبًا – كفاءة عالية في إدارة أعظم تجمع بشري سنوي، وسط منظومة متكاملة من الخدمات الأمنية والصحية والخدمية، جسّدت عمق الخبرة، ورسوخ التنظيم، وحسن الاستعداد.
منذ انطلاق أولى طلائع الحجاج إلى المشاعر المقدسة، بدت ملامح الاستعداد الكامل واضحة في كل تفاصيل المشهد، بدءًا من مراكز الاستقبال في المنافذ، وصولًا إلى المخيمات والطرقات والمرافق العامة. وقد سخّرت الجهات المختصة أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي في تنظيم الحشود، وضمان سلامة وأمن الحجيج، وهو ما انعكس في انسيابية الحركة وتنظيم أداء المناسك دون حوادث تُذكر.
على الصعيد الأمني، عملت وزارة الداخلية والقطاعات المرتبطة بها بتناغم لافت، مكّنت من فرض مظلة أمان شاملة، رغم ضخامة الأعداد وتنوع الجنسيات، حيث شارك أكثر من مليون حاج في شعائر هذا العام، وسط خدمات مرورية دقيقة، ورقابة عالية المستوى.
أما في الجانب الصحي، فقد برزت وزارة الصحة السعودية بدورها الحيوي من خلال خطط استباقية للرعاية والوقاية، تضمنت أكثر من 180 مستشفى ومركزًا صحيًا، وفرقًا طبية متنقلة، بالإضافة إلى مركز القيادة والتحكم الذي تابع حالات الطوارئ أولًا بأول. وقد أكدت الوزارة أن الموسم مرّ دون تسجيل تفشيات وبائية، بفضل الالتزام العالي بالإجراءات، وجاهزية الكوادر.
وفي الجانب الخدمي، وفّرت المملكة آلاف العاملين من مختلف القطاعات، وتكاملت جهود الجهات الخدمية من ماء وكهرباء ونقل واتصالات، ليجد الحاج نفسه في بيئة آمنة، مريحة، ومدعومة بأعلى درجات التنظيم.
ويؤكد محللون دوليون أن موسم حج 1446هـ شكّل أنموذجًا فريدًا في إدارة الحشود والأزمات، مؤكدين أن المملكة باتت مرجعًا عالميًا في هذا المجال، بما تحققه سنويًا من إنجازات تُبهر العالم.
النجاح لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج لرؤية طموحة، وتخطيط محكم، وإرادة سياسية تؤمن بأن خدمة ضيوف الرحمن شرف لا يُضاهى. وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان: “خدمة الحجاج أمانة نعتز بها، ومسؤولية نؤديها بكل تفانٍ وإخلاص.”
موسم حج 1446هـ لم يكن مجرد عبور آمن للملايين، بل كان شهادة جديدة على أن المملكة العربية السعودية تمضي بثقة نحو المستقبل، محافظة على قدسية المكان، وعظمة الزمان، وعظمة الرسالة.