التميز- حسن الحارثي
تحدث الكاتب عبدالقادر الحداد خلال محاضرته التي ألقاها في مقر اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين أول أمس بحضور رئيس الاتحاد الشاعر عليان العدوان قدمه فيها أمين سر الاتحاد الأستاذ محمود رحال, تحدث حول الجزء الثاني من كتابه (الأمة العربية والإسلامية…أين الخلل؟؟) حيث ركز الحداد في محاضرته على موضوع واحد من المواضيع السبعة التي يحتويها كتابه, ألا وهو (جذور التطرف الديني).
تناول الحداد موضوع التطرف الديني بطريقة مختلفة عما يطرحه الجميع, فقد اعتبر أنه خلاف بين طرفين مسلمين مؤمنين بالله, متناقضين في الطرح, مختلفين في الفهم والتطبيق للدين الإسلامي الحنيف.
الطرف الأول : هم إسلاميون مؤمنون بالله, تكفيريون يكفرون غيرهم من البشر, سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين, وكأن الله لم يهدِ سواهم, ويعتمدون في آرائهم وأفعالهم على آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة كونت لديهم القناعة بأن ما يفعلونه هو الحق.
الطرف الثاني : هم مسلمون مؤمنون بالله أيضاً معتدلون يقومون بواجباتهم الدينية بهدوء وانتظام, يصلون, يصومون, يحجوون, ويمارسون حياتهم الزوجية على سنة الله ورسوله دون سبي أو ما ملكت أيمانكم, ويطيعون الله ورسوله وأولي الأمر, مادام أنهم لم يأمرونهم بفعل معصية.
تناقض كبير.. فجوة عميقة… فضاء ديني واسع بين المؤمنين بالله فما هو سبب هذا التناقض في الدين الواحد؟؟ وأين هي الحاكمية بين هذين الطرفين المتناقضين؟؟
هذا خلف صراعاً دموياً بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة منذ فجر الإسلام خاصة بعد مقتل عثمان بن عفان عام 35 هـ حتى الآن عام 1437هـ أربعة عشر قرناً دفع خلالها المسلمون ثمناً باهظاً من الدماء والأموال والأيتام والأرامل, وما زال هذا حتى الآن في جميع البلاد التي يتواجد فيها مسلمون, من (بوكوحرام) في أقصى الغرب الذين سبوا طالبات المدارس إلى (أبو سياف) في أقصى الشرق مروراً بالقاعدة وداعش والنصرة وما بينهما عشرات الأسماء فما هو سبب هذا التناتقض والانقسام بل العداء والاقتتال بين أبناء الدين الواحد؟؟؟
وأتساءل : مالذي أعمى بصائر هؤلاء المسلمون الأوائل من الصحابة الأبرار في قتال بعضهم بعضا أثناء الفتنة؟؟؟
أعتقد أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو ( شهوة الملك والسلطة والحكم) إن لذة الملك والسلطة تعمي البصائر وتغلق القلوب والضمائر وقال ابن خلدون في ذلك (إن الملك منصبٌ شريف ملذوذ يشتمل على جميع الخيرات الدنيوية والشهوات البدنية والملاذ النفسانية فيقع فيه التنافس).
إن طبيعة هذه الأفعال هي أفعال سياسية لا دينية هدفها الوصول إلى السلطة والحكم (الكرسي) ثم إن الدين الإسلامي يمتاز بشموليته فهو يشتمل على جميع مناحي الحياة لذلك يجب أن يؤخذ الدين الإسلامي بكليته ولا يؤخذ مجزءاً فالجماعات الإسلامية على اختلاف أنواعها وأسمائها كل منها يأخذ جزءاً من الدين ويوظفه لصالحه بما يتناسب مع أهوائه ويقول هذا هو حكم الله وينسى ويتناسى بقية ما جاء في الدين الإسلامي والتي لا تتناسب وأهدافه خاصة من طرف النخبة من الإسلاميين والذي هدفهم هو الوصول إلى السلطة بأي ثمن بالخلط بين الدين والسياسة لمصلحة ذاتية دنيوية واعية من طرف هؤلاء النخبة يدفع ثمنها غالياً جميع المسلمين والمعاهدين الذين يتقاسمون العيش مع المسلمين منذ مئات السنين, إنها السياسة المغلفة بغلاف ديني.