استقطبت صحراء الربع الخالي ، عزيمة و إصرار ورغبة ومغامرة رجالات القصيم ، رغم مايحوطها من مخاطر وعقبات عدة ، ومشقة في الترحال و بعد المكان الذي يصل إلى أكثر من 4600 كم ، إلا أن السعي لتعزيز مفهوم السياحة الصحراوية ، و دراسة مكونات الربع الخالي وطرق الاستفادة منه، والتعريف به وبثرواته ، التي يختزلها هذا الجزء الكبير من بلادنا ، لهو الهدف المنشود .
حيث بين مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة القصيم ، إبراهيم بن صالح الربدي ، مساء أمس ، خلال الجلسة الثانية ” عبق التاريخ وقصص الرحلات والرحالة ” والتي تقام على هامش فعاليات المعرض السعودي الأول للسفر والسياحة والصيد ( رحلات 1 ) المقام بمدينة بريدة ، أن رحلة الربع الخالي التي خاضها في 25 يناير 2013م مع قسم الجغرافيا بجامعة القصيم إلى الربع الخالي ، استغرقت عشرة أيام وضمت 17عضوًا ، لإستكشاف مكنونات وثروات ” الربع الخالي ” ، الذي يشكل ربع الجزيرة العربية ، والتي كانت مليئه بالمعارف الثري التي رسمت لهم آفاقا أوسع للإستكشاف والتعرف على طبيعة الربع الخالي ومكنوناته .
مشيراً إلى أنه سمي بالخالي لخلوه من الاستيطان البشري الدائم، إلا من عدد قليل من البدو الرحل ، بالإضافه إلى خلوه وفقره من الحياة النباتية ، والحيوانية ، لافتاً أن الهدوء والسكون والجفاف يحوط الربع الخالي ، فلاترى إلا الكثبان الرملية العظيمة والجميلة والتي يبلغ طولها نحو 1320كم، وعرضها نحو 600كم .
مبيناً ان الربع الخالي غني بالمياه الجوفية إذ يحوي بين جنباته العشرات من الآبار في الجانب الشرقي اذ تتميز المياه الجوفية بقربها من سطح الأرض وملوحتها الشديدة ، مع مايشوبها من رائحه نتنة بسبب توفر عنصر الكبريت ، أما الجزء الغربي من الربع الخالي فمياهه الجوفية أعمق وأعذب بشكل عام.
مؤكداً انه على الرغم من كون الربع الخالي صحراء شاسعة و قاحلة و جافة ، إلا أن الله تعالى قد أودع فيها النفط والغاز ، مشيراً الى أن الاستيطان البشري يوجد في أطراف الربع الخالي وليس في وسطه ، مبيناً أن الربع الخالي لا تستطيع السيارات اجتيازه، دونما استخدام الطرق البرية المسلوكة، مع زاد وماء، و كثير من الوقود للسيارات، ودليلٍ من أهل الخبرة والمعرفة .
وأكد مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة القصيم ، إبراهيم بن صالح الربدي ، أن الرحلة الاستكشافية الجغرافية استهدفت دراسة البيئة الطبيعية للربع الخالي، ومحاولة تحديد الأنهار القديمة، والمطمورة تحت الكثبان الرملية عبر تقنيات متطورة كتقنيات إعادة الإعمار، والتقنيات الرادارية والإشعاعية الاستشعارية، وتحليل الخصائص المناخية القديمة والحالية، و تحديد أعمار البحيرات الجافة في حوض الربع الخالي ، وكشف عمر الحالة الرطبة التي مرت به أرض العرب عندما كانت مروجًا وأنهارًا، إضافة إلى دراسة الجانب الحيوي، ودراسة الإمكانات الاقتصادية، والاستيطان البشري القديم .
من جانبه وفي محاكاة لمسيرة الآباء والأجداد ” العقيلات ” وترجمة أمجادهم وتجارتهم من نجد إلى أنحاء المعمورة قبل عدة قرون ، على ظهور الإبل ، بحثاً عن التجارة وطلب الرزق .
تحدث عبداللطيف بن صالح الوهيبي ، الباحث في تاريخ وأمجاد رجال العقيلات ، حيث بين أنهم رسموا بصمات في الدول التي زاروها ، ودعموا اقتصاد بلادهم ونقل ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم إلى البلدان التي كانت محطاتهم طيلة القرون التي شهدت مسيرتهم العطرة .
لافتاً أن أقتصاد العقيلات يعتمد بالدرجة الأولى ، على الإبل والخيول والأغنام والسمن وغيرها من المستلزمات الإستهلاكية والحرفية والمشغولات اليدوية، مؤكداً أن العقيلات هم تجار من نجد وبالأخص مدينة بريدة، ولا ينتمون إلى قبيلة أو عائلة معينة، بل هم من الحاضرة الذين يصدرون الأبل والخيل والأغنام والسمن إلى بلاد الكويت والعراق والشام والأردن وفلسطين وتركيا ومصر ويستوردون الملابس ، والاسلحة ، والقهوة والشاي والسكر وجميع الأشياء التي يفتقدونها في بلادهم .
وبين الوهيبي أن العقيلات صنعوا ماضياً مشرفاً لبلادهم في الخارج، وتميزوا بمعرفة الطرق، وبالاخلاص والأمانة والشجاعة والصبر والصدق والتعاون وحب الوطن ، حيث يمثلون حاضرة منطقة القصيم ، إلا أن أهل مدينة بريدة أحتلوا المكانة الأولى عدداً ونشاطاً تجاريّاً.