عبدالرحمن منشي
مع تقلبات الحياة وإختلاط المفاهيم، لم أجد أشد قساوةً على النفس من ان يتهم البريء المخلص في عمله، ومشاعره تجاه الآخرين، حين يظن به سوء المقصد، تغيير النية، وهو من كل ذلك براء، فسبحان الله كلما شعرت بالاكتفاء بالحديث عن سوء الظن ظهرت أمامي صور وأحداث من تبعات وآثار هذه الظنون السيئة.
لذا وجدت نفسي لأفرغ من خاطري بعض هذه الصور التي توجع مشاعري، لأني أعتقد جازماً أن كثيراً من المواقف العدائية بين الأفراد والجماعات في مجتمعنا تأتي نتيجة سوء ظن أحد الطرفين بالآخر - ولقد علمتني الحياة ان كثيراً من التصرفات أو المقولات يفسره بعض الناس تفسيراً غير الحقيقة الصحيحة لهذا فإن من أشد الآفات فتكاً بالأفراد والمجتمعات آفة سوء الظن؛ ذلك أنها إن تمكنت قضت على روح الألفة، وقطعت أواصر المودة، وولدت الشحناء والبغضاء.
إن بعض أصحاب الشخصيات المهتزة لا ينظرون إلى الآخرين إلا من خلال منظار أسود والعياذ بالله، فالأصل عندهم في الناس أنهم متهمون، بل منحرفون غير صادقين، ولا مخلصين فيما يقولون أو يفعلون، ومما لا شك فيه أن هذه الظنون السيئة مخالفة لقيمنا وأخلاقياتنا الإسلامية النبيلة قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)
ويقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث).
فأقول بإختصار في مقالي هذا، أليس سوء الظن قتلاً للحقيقة، ومسخاً للأخلاق النبيلة، وتشويهاً للصورة الجميلة!! لأنك بسوء ظنك بأخيك قد غيرت المعايير، وقلبت القيم، واعتبرته غير كريم الخلق.. وأنت بذلك مذنب في حقه وحق الحقيقة، مخالف لما يدعو إليه الله سبحانه وتعالى من طهارة القلب، وصفاء النفس تجاه الآخرين، وليس من حقك سوء الظن، لأن النيات لا يعلمها إلا الله تعالى، وهو أدرى بتوجهنا حين تتكلم أو تعمل وأنت حين تسيء الظن بالآخرين كأنك نصبت نفسك قاضياً وحاكماً عليهم، دون دليل حقيقي قائم على أفعالهم.
وأخيراً اسأل الله في هذه الأيام الفضيلة أن نحسن الظن فيما بيننا حتى نصبح قدوة للمجتمعات الاخرى، واقول لك أخي القارئ الزبدة في المقال، لم تشق قلبي ولم أشق قلبك ولكن الله عليم مابذات الصدور.
*همسة*
أَحْسِن بِنا الظن إنّا فيـكَ نُحْسِنُـه
إن القُـلـوبَ بِحُسْنِ الظَّن تَنْسَجِم
وَالْمَسْ لَنا العُذرَ فِي قَولٍ وَفِي عَملٍ
نَلْمَسْ لَكَ العُذْرَ إنْ زَلَّتْ بِكَ القَدَم
لا تَجعَل الشَّك يَبني فيكَ مسْكَنَه
إن الحيـاةَ بِسُـوءِ الظَّـن تَنْـهَدِم
التعليقات 7
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ابوالبراء
27/04/2022 في 3:12 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا
كلام جميل وواقعي
واحسان الظن صفة المؤمن الصادق جعلنا الله واياكم منهم
د. عاطف منشي
27/04/2022 في 6:15 ص[3] رابط التعليق
أحسنت أبا ياسر فقد أجدت وأفدت على هذا المقال.
وأقول نحن في أشد الحاجة أن نكف شرور أنفسنا عن الآخرين فتلكم صدقة نتصدق بها على أنفسنا.. فكم أفسد سوء الظن وكم هدم من بيوتات وفتك الأعراض وقذف المؤمنات المحصنات الغافلات وكم وكم وللأسف لم يصدر هذ الشر من عامة ودهماء الناس فحسب، بل من بعض المثقفين وأصحاب الشهادات والمراتب العلمية والعملية وممن يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا!!
فلا أدري من أين نصلح ومن أين نبدأ؟! فالأمر جد خطير والخرق اتسع والرقع لم يعد ينفع…
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا … فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
فطوبى لعبد آثر الله ربه .. وجاد بدنياه لما يتوقع
قال الله تعالى:
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (٣) }
همسة:
رحِم الله مَن ظنّ بي خيراً،،،
و غفر لمَن قالَ عنّي ما ليس فيّ.
أسعد بن سعيد النقيطي
27/04/2022 في 8:42 ص[3] رابط التعليق
أحسنت القول يا أبا ياسر. إن سوء الظن مرض يصيب الإنسان ضعيف الدين و الأخلاق. و للاسف تكثر في الشدائد و يوسوس بها الشيطان للنفوس الضعيفة. حفظنا الله و إياكم من كل سوء.
قال ابن القيم:
فلا تظننَّ بربِّك ظنَّ سوءٍ فإنَّ الله أولى بالجميلِ
ولا تظننَّ بنفسِك قطُّ خيرًا فكيف بظالمٍ جانٍ جهولِ
وقلْ: يا نفسُ مأوَى كلِّ سوءٍ أترجو الخيرَ مِن مَيْتٍ بخيلِ
وظنَّ بنفسِك السُّوأى تجدْها كذاك وخيرُها كالمستحيلِ
وما بك مِن تُقًى فيها وخيرٍ فتلك مواهبُ الربِّ الجليلِ
وليس لها ولا منها ولكن مِن الرحمنِ فاشكرْ للدليلِ.
تحياتي وما توفيقي إلا بالله سبحانه و تعالى.
عبدالرحمن منشي
27/04/2022 في 12:19 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته،، اشكر الجميع على التعليقات الجميلة
أبونواف
27/04/2022 في 3:33 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم لافوض فوك أجدتم وأفدتم فعلا فكم من شخص أسأء الظن بأخيه المسلم ولكن نسأل الله لهم الهداية وجزاكم الله خير اخي الحبيب أبا ياسر
حسن نوري
27/04/2022 في 4:26 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك هل من متعظ
عبدالمحسن العولقي
27/04/2022 في 7:49 م[3] رابط التعليق
تسلم ايدك يا ابو ياسر
كلام جدا جميل و حقيقى
جزاك الله خيرا و رحم الله والديك