الكاتب : أيمن الخميسي
من العبارات التي تمُجّها الآذان كلمات الزهد المصطنع بجميع إطلاقاتها التي يتخذها أصحابها دعاية ترويجية لهم ليوهموا الناس على صلاحهم وتقللهم من حطام الدنيا على حد تعبيرهم الذي يخالف واقعهم الذي يعيشونه من الحرص والنهم في الأخذ، وهم في نظري بالفعل لم يأخذوا شيئاً من الدنيا؛ لأن (مِنْ) للتبعيض ولكنّهم أخذوا الدنيا كلها ولم يتركوا منها شيئا للأجيال القادمة !
فأنا لست ممن ينتقد الزهد والزهاد فهم بقية الصالحين، وزينة الدنيا الذين سبقت أفعالهم أقوالهم، وحملو لواء الكفاف، وما أقلهم في هذا العصر فإنهم يعدّون على الأصابع في كل قُطْر!
وإنما أعني بمقالتي هذه إلى من انتسب للزهاد ويحث الناس على الزهد، ويدعوهم إلى التقلل من الدُنيا، أوتركها بالكلية إن أمكن، وهو يعمل بنقيضه غارق في النعيم.
إن الإنسان ليس ملزماً بأن يكون زاهداً في دنياه، ولا يقدح ذلك في ديانته حتى يتبنى الفكرة من أصلها بالتطبع المصطنع، فالزهد النظر إلى الدنيا بعين الزوال، وهو عزوف النفس عن الدنيا بلا تكلف، أو بمعنى آخر أستطاعة الوصول إلى ما يريد ولكنه أعرض عنه ترفعاً !
فالله جل وعلا لم يخلق لنا الدنيا إلا لعمارتها، ولو نظر جميع الناس من زاوية الزهد لتعطلت الحياة وانشلت الحركة؛ لذلك كان لتنوع الثقافات والطباع عجلات للموازنة!
فالضابط الدقيق للزاهد المزيف هو من يزّهد الناس عن شيء وهو يركض خلفه، أو من عجز عن مطلوب وادعى تركه ترفعاً !