هدى الحكمي
ليس هناك أكبر فتنةُ من تصديق الشائعة، سوى الترويج لها ونشرها في وسائل التواصل ..
في الحقيقة نحنُ الآنَ لسنا أمام ظاهرة تهدد بعض فئات المجتمع أو تستهدف عقول شبابنا وبناتنا ..بل نحنُ تحت هذه الغمَّة التي غطَّتْ جميع الأمَّة !! لقد عمَّتْ هذه الكارثة جميع شرائح الناس حتى أنك تجد الدكتور والمثقف والكاتب والشاعر والمفكر جميعهم وقعوا في هذه الكارثة إذْ نرى ونأسف لتراشقهم أمام الملأ بالإنتقاص والتجريح بسبب إثبات صحة معلومة أو عدمها !!
كارثة إعادة النشر والمشاركة أصبحتْ أمراً عاديا كثقافة عالمية لا يُستطاع الوقوف أمامها مع خطورتها على حياتنا وعلى أمننا
لا أرى حال هذه الكارثة تقتصر على الجهلاء , لأننا اليوم جميعنا جهلاء في خضم هذا الإنفتاح المعلوماتي الذي لا نحترم فيه فنَّ الإصغاء لتلقي العلوم ولا نسلك سبل إدراك كنه الحقائق ..
بل ــ على العكس ــ نتقن الجدال وندَّعي العلم ونحاول إثبات أننا نعلم كل شيء بمجرد إستسقاء المعلومة من قوقل !!
إنَّ هذه الكارثة ــ وإنْ كنَّا لا نستطيع الوقوف أمامها ــ إلاَّ أننا نستطيع الحدَّ من خطورتها على مجتمعاتنا ...
من السهل أنْ أحصل على معلومة شرعية لا يعرفها خطيب مسجدنا .. ولكن ليس من حقي أنْ أدَّعي بأنني أعلم منه !!
ولهذا :
يجب أنْ يتعلم أبناؤنا في المدارس مالم يتعلمه آباؤنا بالأمس .. الآن نحنُ بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الإنفتاح على هذا الفضاء المعلوماتي .. نجد الجيل السابق وقع في مغبَّةِ سلبياته .. بسبب هجومه المفاجيء على حين غرة !!
وأمَّا أبناؤنا اليوم فقد تمرَّسوا في هذا الواقع الذي أصبحوا جزءاً منه .. وهذا ما يحفزُّ أننا سنكون قادرين على أنْ نعلِّم أبنائنا أهمية التراجع عن إثبات معلومةٍ ليست صحيحة .. أنْ نعلِّم أبنائنا أهمية الإعتراف بالخطأ بعد معرفته وعدم الإصرار عليه ..أنْ نعلِّم أبنائنا أنَّهُ ليس من الفخر أنْ ننتصر في جدالٍ علمي مع الآخر .. فالفخر الحقيقي أننا نستطيع نحن والآخر تحقيق الوصول إلى العلم والمعرفة!!.