ضيف الله الحازمي
لن أدير ظهري إليك يامدينتي ، فهناك حيث تفترشين مساحتك بين البحر ، والسهل ، والجبل تمر بك الشمس بين شروق وغروب ، وغروب وشروق دونما ملل من الحياة ، يشدني يامدينة آلاف الاعوام أن الحياة تحدث فيك كل يوم بروح جديدة ، وتاريخ جديد ، ومشاعر تلد مشاعر ، بأن شهادة ميلاد الطيب ولد هنا ، ولن يغادر ، ومهما غلفت ملامحك بعض المفاجآت الحزينة ، تبقى روحنا معلقة بتميمة شفائك التي تهدينها لنا كل يوم في الصباحات والأصائل.
مدهشة انت يامدينتي ، حينما تتسع ابتسامات الأطفال فيك باتساع المدى ، وهم يسابقون الفراش ، وينشدون بعضا من أهازيجهم للسماء، وللماء ، وللريح ، وهي تداعب وجناتهم في الصباح والمساء.
مدهشة انت اكثر ، حينما تطير تلك الضفائر في الاتجاهات الأربعة ، محلقة دونما حذر لتلك الفتيات الصغيرات ، وهم يبيعون الفل أو كراتين الفراولة اللذيذة في يوم ربيعي ماطر ، وهم ينثرون ابتسامتهم التي لاثمن لها إلا طيب الخاطر والابتسام مثلا بمثل.
مدهشة انت يامدينتي وانت تهدينا الريح والضوء ، ومشاهد النوارس المحلقة وبعضا من ذهب قرص الشمس قبل المغيب بالمجان ، ضمن أصناف قليلة بالمجان في هذه الحياة ، تلك الحياة التي تهبنا بالمجان كل شيء فنبيعه على بعضنا البعض ، عندما نكون في أحسن حالات سخائنا ، ونضن به في أكثر أحوالنا ، وكأن الحياة توشك أن تغلق بابها دوننا..
مدهشة أيتها المدينة التي تضيء كل يوم شمعة ميلادها ، وكأنما هي في عيدها الأول ، لتضعنا نحن أولادها في ساحات التفاؤل باستمرار ولتعيدنا كل يوم ، لنكون أكثر برا بها ، وأكثر تسامحا وأكثر ابتهاجا بكل حي..
مدهشة انت يامدينتي ، وزادك الموال يختال من شفة لأخرى ، والحرف ينثال بين القراطيس أنشودة علوية تدركها القلوب بلا عناء ، فنشدوا ونغدوا لساحات المجد غُفُلاً من كل عقد النقص هنا وهناك ، ونعود إليك والقلوب عامرة بالود كل الود ، لكل طالب ود ، ولكل من يتنفس الحياة..
مدهشة أنت يامدينتي.