
في خطوة تعكس التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو توسيع شراكاتها الدولية في القطاعات الحيوية، بدأ معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف زيارة رسمية إلى روسيا الاتحادية، على رأس وفد سعودي رفيع المستوى يضم عددًا من ممثلي الجهات الحكومية وكبار المستثمرين في القطاعين الصناعي والتعديني، وذلك ضمن مساعي المملكة لتعزيز مكانتها العالمية كمركز صناعي وتعديني رائد في المنطقة والعالم.
وتأتي هذه الزيارة ضمن جهود المملكة لتنويع شراكاتها الاقتصادية وتطوير قدراتها الصناعية والتعدينية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تولي أهمية كبرى لرفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، وتحقيق الاستدامة وتنمية المحتوى المحلي وتوطين التقنيات المتقدمة. وقد أكد معالي الوزير الخريف أن روسيا تُعد من الشركاء الدوليين المؤثرين في مجالات الصناعة والتعدين، وأن المملكة حريصة على بناء علاقات استراتيجية مع الدول التي تملك خبرات عريقة في استكشاف المعادن وتصنيع المواد الأساسية، مشيرًا إلى وجود فرص نوعية للتعاون ونقل المعرفة والتقنيات الحديثة.
وخلال الزيارة، يعقد الوفد السعودي سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع مسؤولين روس على أعلى المستويات، تشمل وزارة الصناعة والتجارة وهيئات الاستثمار والتعدين والطاقة، إلى جانب ممثلين عن كبرى الشركات الروسية في قطاعات الصناعات الثقيلة، ومعالجة المعادن، والتقنيات الصناعية الحديثة. ويتوقع أن تثمر هذه اللقاءات عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تسهم في بناء شراكات طويلة الأمد، سواء في مجالات تطوير سلاسل الإمداد أو دعم الابتكار الصناعي أو استكشاف المعادن النادرة، كما تشمل المبادرات المطروحة التعاون في التدريب وتطوير الكوادر البشرية وتبادل التجارب في السياسات الصناعية المستدامة.
وتأتي هذه الزيارة بعد النجاحات التي حققتها المملكة في استقطاب استثمارات نوعية من مختلف دول العالم، لا سيما بعد انعقاد مؤتمر مستقبل المعادن في الرياض، والذي رسخ مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي لتطوير قطاع التعدين. ويُنظر إلى هذه التحركات باعتبارها جزءًا من استراتيجية أوسع لتقوية البنية الصناعية الوطنية، وتحقيق السيادة في عدد من الصناعات الحيوية، والارتقاء بمستوى التنافسية العالمية للصناعة السعودية، من خلال تنويع الشركاء ونقل التقنيات وتعزيز الإنتاج المحلي عالي الجودة.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذه الزيارة تمثل نقلة نوعية في مسار العلاقات الاقتصادية بين المملكة وروسيا، وتعكس نضج الرؤية السعودية في إدارة ملفات التعاون الدولي، والقدرة على صياغة معادلات مصلحة مشتركة مع قوى صناعية كبرى، ما يعزز مكانة المملكة في سلاسل القيمة العالمية، ويفتح آفاقًا واسعة أمام المستثمرين من الجانبين نحو مشاريع نوعية تتقاطع مع تحولات الاقتصاد العالمي القائم على الابتكار والاستدامة.