الكاتب : سلطان السميري
يعد الإنسان محورًا وركيزةً أساسية في هذه الحياة ، فهو المعول في البناء والهدم ، ويعد عقله أداة التفكير التي يبدأ ينتح فيها مضامين الحياة وهو الآلة التي توجه الإنسان نحو كيفية إدارة حياته اليومية بالطريقة المثلى سواءً في علاقاته الأسرية أو الاجتماعية ، فالعقل هو المرجع في تسيير وتيسير حياة الإنسان فضلًا عن أنه محور الارتكاز في الجسم ، فهو نواة الفرد وتقدمه ، وقبسه المضيء ، وسراجه الوهاج ، وهو الذي يشعل جذوة التفكير نحو التعاطي مع مجريات الكون والطبيعة بجميع تقلباتها المختلفة ومضامينها المتغيرة المفاجئة.
إن العقل هو مصدر الإدراك الحسي وكينونة الإبداع البشري ومرسى السمو الأخلاقي ومكمن التهذيب الروحي والنفسي ، إلا الإنسان في هذه الآونة الأخيرة وخاصة مع العالم الافتراضي المذهل وشدة انبهاره به أصبح يهمش عقله إن صح التعبير وينحى منحًا مختلفًا وينتهج أسلوبًا من نوع ثانٍ في التعامل مع هذه الحياة.
وأصبحت غُربة العقول الافتراضية هي المحرك الأول للإنسان والدافع المهم في فهمه لحياته الشخصية وعوالمه المحيطة به (اجتماعيًا) فانكفأ على نفسه وانزوى في صومعته وقطع أثره وأخفى ظهوره ، وبدأ يدير دفة حياته وتفاصيلها في ضوء هذا الواقع الافتراضي المتسارع يومًا بعد يوم ، فاهتم بجزئياته وثانوياته ، واتجه إلى الفرعيات كسلوك إنساني قويم ، ونظامًا حياتيًا مبثقًا من استيعابه الميمون (كما يظن) لهذا الواقع الافتراضي الذي غزى عقله البشري فحل محله ، وغطى العقل وخامره وأفسده ، فأصبح هشيمًا تذروه الرياح ، وصار مبرمجًا على الجديد في وسائل التواصل الاجتماعي مترقبًا لكل ما شأنه أن يجعل منه إنسانًا ذا أهمية في افتراضاته التي يشاهدها ويتخذها مذهبًا له وأنمودجًا يقتدي به في أغلب حياته بكل تقاسيهما اليومية الحياتية.
ومن هنا نقول إن الإنسان في هذا الكون الفسيح ومن مقتضى إشباع الاحتياجات كعنصر قوي في المشهد اليومي له اختار اتباع نهج ثقافة الصورة من خلال الواقع الذي نعيشه في تعاطيه مع مسائل حياته اليومية التي تنأى به عن الموضوعية والواقعية في جميع الأوقات ، والتي تحتاج إلى تخطيط منظم ، وعمل دقيق ، ووقت طويل في كيفية إدارة الأولويات التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يمشي بخطوات واثقة ومقننة وخط سير ثابت في مجابهة التحديات التي تقابله في حياته.
بمعنى أنَّ إعمال العقل البشري هو الذي يجب أن يكون سائدًا في جميع المناحي والاتجاهات وموجِهًا في مختلف المجالات والتصرفات التي تصدر من الفرد ، فهو بمثابة حجر الإساس للانطلاق نحو أي فعل يقوم به هذا المخلوق الذي يعيش على هذه الأرض ، وليستطيع معرفة ماله وما عليه في خضم هذه الأحداث المتسارعة والمتتالية تباعًا تلو الأخرى ، لكي يجّود انتقاءاته واختياراته مما ينعكس إيجابًا على نظام حياته وجودة تطلعاته وجعلها أكثر دقة ووضوحًا في مشروع اتخاذ القرار والوجهة نحو أي قضية أو موضوع.
وبالتالي حدوث الانسجام والاستقرار التام في مناشطه المختلفة ، ووفرة الخيارات المتاحة ، التي ترتقي به إلى مستويات رائعة وجميلة ، وتقوده إلى نجاحات باهرة وكبيرة في سائر مشوار حياته ومحطات عمره ، بإذن الله.
إيماء:
عقلكَ هو أغلى ما تملكْ فتخير ما يرفعه ، دمتم بود .