صبيحة يوم السبت 1438/4/23هـ فجعت بخبر وفاة علم من أعلام فيفاء الفقيد/ هادي بن ماطر الأبياتي الفيفي.
صاحب العقل المتفتح، والرؤية الثاقبة، والرأي السديد حاضر البديهة، قوي التأثير فيمن حوله يستميل القلوب بحسن حديثه وترتيب أفكاره ووضوح توجهاته وبحبه للدعابة، بذر حبه للجميع فجنى ثماره يانعة، عاصر الكثير من تأريخ فيفاء وساق الغراب ومنها زيارة الرحالة الشهير لفيفاء (عبدالله فيلبي) في عام 1937م ومما ذكره فيلبي ووجدته في الفقيد يرحمه الله وصفه لأهل فيفاء (بالشجعان وبأنهم يمتلكون قوة جسمانية وعقلية كبيرة).
لديه من الأبناء والأسباط من أحسبهم والله حسيبهم من أهل البر والصلاح حفظهم الله ووفقهم لكل خير، وخير شاهد على ذلك فترة مرضه يرحمه الله فقد وفقهم الله بأن نذروا أنفسهم في بر والدهم إلى حين وفاته، فكانوا قبيل وفاته كعادتهم بعد أن قدموا له وجبة الإفطار وناولوه ما يلزم من العلاجات وقاموا بتغيير ملابسه فعندما همّوا به ليأخذ نصيبه المعتاد من أشعة الشمس ساعة الشروق، سبقهم قدر الله إليه فوافته المنية في تلك اللحظة وهم بين يديه يعملون في بره ورضاه، فهنيئا لهم هذا البر وهنيئا لهم رضاه ورضا الله عنهم، فلم يفتروا من قبل أو يشتكوا أو يتذمروا بل تجدهم في حمد الله وشكره أن جعل لهم باب بر وفضل، كما أذكّر نفسي وإياهم أن فصول هذا البر لا تتوقف، فقد دلنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى طرق بر الوالدين بعد وفاتهم وكيف تكون، أسأل الله كما وفقهم إلى بر والدهم في حياته أن يوفقهم ويعينهم على مواصلة ذلك البر بعد وفاته يرحمه الله.
أذكر بعد وفاة والدي يرحمه الله بعام تقريبا التقيته والعم موسى أحمد آل مذهنة عند دكان الأخير فكان يثني على والدي وعلى خدماته ومواقفه المشرفة ثم لفت انتباهي بسرد قصص واقعية بأسلوب راقٍ جدا فلا يتدخل في سردها بأن يستميل جهة على جهة، بل يلزم أخلاقيات كتّاب التاريخ وكتّاب السير، مجرد سرد لحقائق لا تفسرها الأهواء ولا تتجاذبها العواطف، ثم اتضح لي أنه كان يقصدني لتشجيعي بكلام وأسلوب لا يتقنه إلا ألمعي، فدار حديثه وقصصه في ذلك الموقف حول أن الحياة مغامرة وأنت شاب في مقتبل العمر وقد تحملت حملا ثقيلا ولا يجدر بك التراجع فالموت مقدِما خير من الموت مدبرا.
ثم وبعد أن مرض ولزم الفراش زرته أثناء مرضه فكان كما عهدته ذو ذاكرة قوية وبلاغة وفصاحة في عباراته، حكيم في أقواله يحفظ الكثير من أبيات الحكمة والزهد، وبعد أن أخذ تفاصيل أخباري سكت لبرهة متأملا ثم استأنف كلامه بحمد الله وشكره ثم بالتوجيه والنصح والإرشاد بسرد بعضٍ من تلك القصص عن تأريخ رجالات فيفاء لتقريب ولإيصال المغزى الذي يريدني أن أفهمه وأعيه، وفي تلك الزيارة دار حديثه حول خدمة المجتمع وأنها سر من أسرار الحياة الطيبة فسواء كان المرء في موقع يحتم عليه ذلك أو لم يكن فالعبرة بأن يكون لديه هم خدمة مجتمعه فما يقدمه لمجتمعه سيجنيه في نفسه وأسرته، ثم أعطاني خلاصة لم أجدها إلا في (مقدمة ابن خلدون) عن طبائع البشر وطبيعة التعامل معهم...، رحمه الله رحمة الأبرار.
ختاما أسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يجمعنا به في مستقر رحمته، ثم أسأل الله عز وجل أن يحسن عزاء أهله وذويه ويلهمهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
شيخ عشائر أبيات فيفاء
عبدالله بن حسن فرح الفيفي
1438/4/24هجرية
التعليقات 1
1 ping
محمد حسن الفيفي
22/01/2017 في 9:01 م[3] رابط التعليق
نسأل الله أن يغفر له وان يبدله دار خيرا من داره واهل خيرا من اهله إنا لله وإنا إليه راجعون.
تعازينا لأهل فيفاء عامة ولقبيلة الابياتي خاصة في الفقيد هادي ماطر الفيفي.
بادرة غير مستغربة من شيخ عشائر أبيات فيفاء في عزاءه في الفقيد فهو وفاء للماضي الحاضر المرحوم بإذن الله الشيخ حسن بن فرح الفيفي وامتدادا لمتابعة مسيرته العطره.
رحم الله الفقيد هادي بن ماطر الفيفي وجميع اموات المسلمين.