فرحان محمد الفيفي
وأما قبل:
(خالد 9 سنين) تسير معه أمه كل صباح مسافة 1500م حتى تتجاوز به موقع تجمع القرود ثم يكمل السير إلى مدرسته، وتنتظره بعد الظهر في نفس الموقع.
(عائشة 8 سنوات) استشهد أبوها في الجبهة، وليس لها من يأخذها إلى المدرسة، فتحمل حقيبتها وتسير في الطريق الجبلي باتجاه مدرستها، وكلما سمعت صوت سيارة قادمة انزوت بجوار الشجر المُحاذي للطريق؛ لأن أمها تحذرها من الركوب مع الغرباء.
( عبدالعزيز 15 سنة ) وجود ( 6 سنوات ) أبوهما مرابط في الحد الجنوبي، فيضطر عبد العزيز للسير مع أخته (جود) صعودا لمدرستها الواقعة قرب إحدى القمم، ثم ينزل لمدرسته، ولا يصلها إلا بعد مُضي نصف ساعة من الحصة الأولى.
علي ( 16سنة ) علمه أبوه القيادة ومنحه سيارة حتى ينتظم في الذهاب لثانويته عبر تلك العقبة الممتدة من أسفل الجبل إلى قمته، لمسافة تزيد عن 9 كلم، فهوت به سيارته ذات يوم إلى قعر الوادي بينما كان عائدا من مدرسته، فقدّم منسوبو تعليم فيفا وصبيا العزاء فيه لأسرته.
أحمد ( 9 سنوات ) من أسرة فقيرة لا تملك أجرة نقله للمدرسة.
هذه نماذج لآلاف القصص التي سطرها أربعة آلاف طالب وطالبة في جبال فيفا؛ خلال الثلاث سنوات الماضية، وللأسف أن هذه القصص ومثيلاتها ما زالت مستمرة في محافظة فيفا؛ نظرا لعدم وجود نقل مدرسي.
ثلاث سنوات وشركة تطوير تتكفل بنقل كل طلاب وطالبات وطننا الحبيب، ويوفر متعهدها باصات وسائقين لنقل كل طلاب وطالبات المملكة، ولكنه لم يوفر باصات صغيرة لنقل طلاب محافظة فيفا.
قبل أكثر من عامين وبعد شكاوى سكان فيفا بعدم توفر نقل مدرسي لأبنائهم ألزمت الوزارة شركة تطوير بالتعاقد مع مؤسسة نقل خاصة، وهي بدورها تعاقدت مع عشرات السائقين الخاصين لينقلوا طلاب الجبال في مركباتهم الخاصة، فنقلوا لمدة شهرين، ثم توقفوا لأنهم لم يستلموا مستحقاتهم، وما زالوا إلى هذا اليوم يطالبون بمستحقاتهم ما عدا: ( ي ع الفيفي ) فقد توفي، ولكن من نقلوا معه ( ضمن عقده ) ما زالوا يطالبون ورثته بنصف مليون ريال، وورثته يطالبون مؤسسة أعمال الشاطئ بمستحقات أبيهم التي مات قبل أن يحصل على شيء منها.
في العام الماضي: حاول أولياء الأمور إقناع الوزارة بإعطاء المال المخصص لنقل أبنائهم وهو 190 ريال عن كل طالب شهريا إلى المدرسة أو لأولياء الأمور أو للطلاب أنفسهم ليتدبروا أمر نقلهم بأنفسهم، فأبلغهم مدير التعليم نقلا عن وكيل الوزارة بأن ذلك ليس من صلاحيات الوزارة، ولكنهم وعدوا بحل مشكلة نقل طلاب محافظة فيفاء في هذا العام.
وكنا نظن أن شركة تطوير التي توفر آلاف الباصات والسائقين لنقل طالبات وطلاب كافة مدن المملكة نظن أنها ستوفر هذا العام مجموعة باصات سعة 20 راكب لنقل طالبات وطلاب فيفا؛ لاسيما وأن هذه المحافظة محرومة من النقل المدرسي منذ ثلاث سنين.
فبدأ العام ومضى منه خمسة أسابيع ومحافظة فيفا لا زالت منسية، وشركة تطوير بدأت كالعادة في البحث عن حلول، وها هي تبدأ بجمع أسماء الطلاب المنقولين عبر سيارات خاصة، لتمنح الناقلين حقهم (كما تقول).
أما الطلاب الذين لم يستطيعوا توفير سيارات خاصة لنقلهم كالأيتام وأبناء الشهداء والمرابطين وغيرهم فأجزم أنهم سيواصلون تسطير قصصهم للجبال والأحجار والأشجار، وعلى الوزارة وشركة تطوير السلام.
همسة لمعلمي ومعلمات فيفا: رفقا بمن يتأخر عن المدرسة أو يتغيب عنها من طلاب وطالبات فيفا، ولا تطبقوا عليهم تعليمات الوزارة التي عجزت عن تطبيق تعليمات نقلهم لمدارسهم، ورفقا بهم.
فرحان الفيفي
28 محرم 1439